حكم شرعي ، حتى يقال بحسن طاعته وقبح عصيانه ، فلو كشف الحكم بحسن طاعة ذلك الحكم ، وقبح عصيانه ، عن حكم شرعي ثالث يستقل العقل بحسنه وطاعته لتسلسل الأحكام والعقوبات وهو خلاف الوجدان والضرورة.
ومنه تظهر الحال في إرادة المعصية والطاعة ، فلو افترضنا حسن الأُولى وقبح الثانية فلا يكشفان عن حكم شرعي حتى تترتب عليه المخالفة والموافقة وبالتالي : المثوبة والعقوبة فالكلّ خارج عن حريم الملازمة كما لا يخفى.
تمّ الكلام في المقام الأوّل ، وإليك الكلام في المقام الثاني.
المقام الثاني : في حكم المتجرّى به
الفرق بين التجرّي ، والمتجرّى به واضح ، فانّ الأوّل فعل للعبد ينتزع من مخالفة المكلّف الحجّة العقلية والشرعية بخلاف الثاني فانّه عبارة عن نفس العمل الخارجي كشرب الماء الذي تتحقق به مخالفة الحجّة.
ثمّ الكلام فيه تارة من حيث القبح ، وأُخرى من وجه الحرمة الشرعية.
فقد استدل المحقّق الخراساني على عدم قبحه بوجوه ثلاثة :
١. انّ القطع بالحسن أو القبح لا يكون من الوجوه والاعتبارات التي بها يصير الشيء حسناً وقبيحاً ولا ملاكاً للمحبوبية والمبغوضية ، فقتل ابن المولى مبغوض وإن قتله بعنوان انّه عدوه ، وقتل عدوّه حسن وإن قتله بعنوان انّه ابنه.
٢. انّ الفعل المتجرّى به بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب لا يكون اختيارياً ، فانّ القاطع لا يقصده إلا بما قطع انّه عليه من العنوان الواقعي الاستقلالي لا بعنوانه الطارئ الأوّلي بل يكون غالباً بهذا العنوان ممّا لا يلتفت إليه. (١)
__________________
١. كفاية الأُصول : ٢ / ١٣.