وحاصل الجواب الأوّل : انّ الموضوع المحرز قبل الحكم وإن كان هو خبر الشيخ عن المفيد فقط ، ولكن لما كانت القضية ( صدّق العادل ) قضية طبيعية لا حقيقية ، يسري الحكم إلى جميع الأفراد المحرزة قبل الحكم ( خبر الشيخ ) والمحرزة بعده كإخبار المفيد عن الصدوق ، وليست حكمها حكم القضية الخارجية ، التي يتوقف صدور الحكم على تحقّق الموضوع قبله ، وعلى ذلك فالموضوعات المحرزة بعد تصديق الشيخ ، تقع تحت الحكم وإن كان الموضوع متأخراً عن الحكم إحرازاً وثباتاً.
نظير ذلك قول القائل : « كلّ خبري صادق » فلو أخبر قبله بعشرة أخبار ، فهو كما يعم العشرة هكذا يعم حتى نفسه ، لأنّ الموضوع هو طبيعة الخبر حتى وإن صار خبراً بهذا الإخبار.
يلاحظ عليه : أنّ الجواب مبني على أنّ هنا « وجوب تصديق واحد » فتوصل بهذا الجواب ، وأمّا لو قلنا : إنّ قول القائل : « صدّق العادل » ينحل حسب تعدد الاخبار إلى قضايا كثيرة ، غير أنّ الموضوع الأوّل لما كان محرزاً يشمله الحكم بلا تأخير ، ولكن يثبت بفضل تصديق الشيخ موضوع ثان ، وهو خبر المفيد عن الصدوق ، له وجوب تصديق خاص غير التصديق المتعلق بخبر الشيخ حسب القول بالانحلال ، فيصدَّق المفيد فيثبت خبر عدل ثالث وهو خبر الصدوق عن الكليني ، فيشمله وجوب تصديق ثالث متولد من انحلال قوله : « صدّق العادل » وهكذا يثبت الموضوع اللاحق ببركة ثبوت الموضوع السابق.
وهذا نظير الإقرار بالإقرار ، فيشمله قوله : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » فلأنّ الإقرار الثاني يثبت بفضل الإقرار الأوّل ، ومثله إقامة البيّنة على البيّنة كما لا يخفى.
وفي الختام أعطف نظر القارئ إلى أنّ هذه الإشكالات نابعة من الدقة