مناطها ( لو قلنا
بكشفها عن وجود الشهرة عند أصحابهم ) وأنّ سيرة أصحاب الأئمّة جرت على الاعتناء
بها ، فمثل هذه الشهرة إن لم تكن صالحة للإفتاء على طبقها ، لكنّها صالحة للاحتياط
وعدم الإفتاء بشيء أو الإفتاء بالاحتياط.
وهناك كلمة قيّمة لبطل الفقه الشيخ
المفيد ( ٣٣٦ ـ ٤١٣ هـ ) وهو يعرف لنا مكانة الشهرة ، يجب على من يفتى بكلّ خبر ،
ولا يراعى ضوابط حجّيته ، أن يطالعها ويتدبر فيها ونحن نأتي ببعضها :
قال : إنّ المكذوب منها لا ينتشر بكثرة
الأسانيد ، انتشار الصحيح المصدوق على الأئمّة عليهمالسلام
فيه ، وما خرج للتقية لا تكثر روايته عنهم ، كما تكثر رواية المعمول به ، بل لابدّ
من الرجحان في أحد الطرفين على الآخر من جهة الرواة حسب ما ذكرته.
ولم تجمع العصابة على شيء كان الحكم فيه
تقيّة ، ولا شيء دُلِّس فيه ووُضِع مخروصاً عليهم وكذّب في إضافته إليهم ، فإذا
وجدنا أحد الحديثين متّفقاً على العمل به دون الآخر ، علمنا أنّ الذي اتّفق على
العمل به هو الحقّ في ظاهره وباطنه ، وأنّ الآخر غير معمول به ، امّا للقول فيه
على وجه التقية ، أو لوقوع الكذب فيه.
وإذا وجدنا حديثاً يرويه عشرة من أصحاب
الأئمّة عليهمالسلام يخالفه حديث
آخر في لفظه ومعناه ، ولا يصحّ الجمع بينهما على حال ، رواه اثنان أو ثلاثة ،
قضينا بما رواه العشرة ونحوهم على الحديث الذي رواه الاثنان أو الثلاثة ، وحملنا
ما رواه القليل على وجه التقيّة أو توهّم ناقله.
__________________