وإلا يكون كاذباً ، ولكن نفس العمل بالأمارة لما كان ذات مصلحة سلوكية يتدارك به ما فات من المصالح أو ابتلى به من المفاسد.
ثمّ إنّه يعرف الحكم الواقعي بالبيان التالي ويقول :
إنّ المراد بالحكم الواقعي هو الحكم المتعين المتعلّق بالعباد الذي يحكى عنه الأمارة ، ويتعلّق به العلم والظن وأمر السفراء بتبليغه ، وإن لم يلزم امتثاله فعلاً في حقّ من قامت عنده أمارة على خلافه إلا أنّه يكفي في كونه الحكم الواقعي انّه لا يعذر فيه إذا كان عالماً به أو جاهلاً مقصراً ، والرخصة في تركه عقلاً كما في الجاهل القاصر أو شرعاً كمن قامت عنده أمارة معتبرة على خلافه. (١)
وعلى ضوء ذلك فتندفع جميع المحاذير.
أمّا محذور تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة ، فلما عرفت من تداركه بالمصلحة السلوكية.
وأمّا التدافع بين الملاكين ، مثلاً إذا كان الواقع حراماً وقامت الأمارة على وجوبه ، فالمفسدة قائمة بمتعلّق الحكم والمصلحة بنفس السلوك.
وأمّا المحذور الخطابي من اجتماع المثلين أو الضدين فهو منتف بانتفاء الموضوع ، لأنّ الأمارة في خدمة الواقع ، فإن وافق فهو ، وإلافلا يتضمن حكماً شرعياً وليس للشارع فيه دور سوى الإمضاء ، ففي ظرف الموافقة والمخالفة لا حكم ثان حتى يتحقّق فيه مثلان أو ضدّان ، والدليل على أنّ قيام الأمارة لا تحدث حكماً شرعياً وافق أم خالف هو تصريحه بأنّ معنى « إيجاب العمل على الأمارة ، وجوب تطبيق العمل عليها لا وجوب إيجاد عمل على طبقها ». (٢)
__________________
١. الفرائد : ٣٠ ، طبعة رحمة اللّه.
٢. لاحظ الفرائد : ٢٧ ، طبعة رحمة اللّه.