١٦٢ ـ (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) ورضوانه أمان ورحمة ، ولكن لا سبيل إليه إلا الإخلاص
والعمل الصالح ، (كَمَنْ باءَ) رجع (بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) وأعظم ما يشتد هذا الغضب حين يطلب العبد رضا المخلوق بسخط
الخالق.
١٦٣ ـ (هُمْ) يعود على من اتبع رضوانه تعالى ومن باء بسخطه معا (دَرَجاتٌ) متفاوتات ومنازل مختلفات (عِنْدَ اللهِ) ثوابا وعقابا.
١٦٤ ـ (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً ...) تقدم مثله في الآية ١٢٩ من البقرة ، والخلاصة أن رسالة
محمد (ص) هي رسالة العلم والأمن والعدل والمساواة فأية نعمة على الإنسانية جمعاء
أعظم من هذه النعمة؟
١٦٥ ـ (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) يوم أحد حيث قتل منكم أيها المسلمون سبعون رجلا (قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) يوم بدر حيث قتلتم من المشركين سبعين وأسرتم سبعين ، كيف
نسيتم نعمة بدر وذكرتم نكبة أحد؟ وقلتم فيما : (قُلْتُمْ أَنَّى هذا) الفشل والخسران؟ وفينا رسول الله ونحن مسلمون وهم مشركون (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) ليست المسألة مسألة إسلام وصلوات ووجود النبي ودعوات ،
وإنما المسألة إعداد العدة وأسباب محكمات ، لأن الله سبحانه لا يجري الأمور إلا
على أسبابها ، ويوم أحد قصرتم في حق أنفسكم.
١٦٦ ـ (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى
الْجَمْعانِ) في أحد (فَبِإِذْنِ اللهِ) أي بالتخلي عنكم أو بعلمه تعالى أنكم ستخالفون النبي
وتجبنون (وَلِيَعْلَمَ) الله (الْمُؤْمِنِينَ).
١٦٧ ـ (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) أي ليظهر أفعال المعلومين عنده تعالى بالإيمان والنفاق ،
ويحاسب كلّا منهما على أعمالهم ومقاصدهم (وَقِيلَ لَهُمْ) للمنافقين (تَعالَوْا قاتِلُوا
فِي سَبِيلِ اللهِ) إن كان لكم دين (أَوِ ادْفَعُوا) عن أنفسكم وأهلكم وأموالكم إن لم يكن لكم دين (قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً
لَاتَّبَعْناكُمْ) أي قال المنافقون للمؤمنين : لو كنا على علم اليقين بأن
الحرب واقعة بينكم وبين المشركين لقاتلنا معكم ، ولكن الأمر سينتهي عند المناورات
وعرض العضلات وكفى (هُمْ لِلْكُفْرِ
يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ) أي أن تصرفات المنافقين بشتى أنواعها هي لمصلحة الكفر
والكافرين ، ولا شيء منها لمصلحة الإسلام والمؤمنين على رغم ادعائهم الإيمان
والتظاهر بالإسلام.
(يَقُولُونَ
بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) وهذا أجمع تحديد لكل منافق ، ومثله تماما ما في نهج
البلاغة : قولهم شفاء ، وفعلهم الداء العياء أي أعيى الأطباء.