ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) سافروا فيها وأبعدوا (أَوْ كانُوا غُزًّى) جمع غاز (لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا) أسند المنافقون موت المسافر أو الغازي إلى السفر أو الغزو ، فنهى سبحانه المؤمنين عن هذا القول الجاهل الباطل (لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) أي أن الله سبحانه أمر المؤمنين أن يبتعدوا عن المنافقين ولا يتشبهوا بهم في قول أو فعل ، لأن ذلك يورثهم حسرة وكآبة (وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ) فإن شاء أمات القاعد والمقيم ، وإن شاء أحيا العظام وهي رميم ، ولا تأثير لحرب أو سفر.
١٥٧ ـ (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) كل من يقتل أو يموت مدافعا عن الحق أو مكافحا من اجل العيش والعيال أو لخدمة أخيه الإنسان فهو شهيد أو في حكمه ، وله عند الله خير مما طلعت عليه الشمس.
١٥٨ ـ (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) كل السبل تنتهي إلى الوقوف بين يديه تعالى لنقاش الحساب سواء أكانت تلك السبل موتا على الفراش أم قتلا بحد السيوف.
١٥٩ ـ (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) الخطاب لصاحب الرسالة ، وما أدراك من صاحب الرسالة؟ إنه رؤوف رحيم بنص الآية ١٢٨ من التوبة ، أما الآية التي نحن بصددها فإنها تقول : لو لا خلق محمد ما آمن أحد برسالته ، ومعنى أنه لو لا خلقه لا عين ولا أثر للإسلام حيث لا إسلام بلا مسلمين (فَاعْفُ عَنْهُمْ) فيما يعود إلى حقك الخاص (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) فيما يعود لحقوق الله. (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) مما لم ينزل عليك وحي فيه حيث لا اجتهاد في قبال النص (فَإِذا عَزَمْتَ) عزيمة الإيمان بالحق والخير فامض على إيمانك (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) وحده (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) الذين يملكون القوة في الصبر والإيمان والإرادة.
١٦٠ ـ (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) ونصره تعالى إنما يكون مع مراعاة الأسباب التي جعلها هو سبحانه مؤدية للنصر (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) وهو ، عظمت عدالته وحكمته لا يخذل إلا المتخاذلين الذين لا تجتمع كلمتهم على الخير وطاعة الله تعالى.
١٦١ ـ (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) كيف والغل رذيلة يتنزه النبي عنها؟ (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) من يعمل سوءا يجز به إلا أن يتوب.