(لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) من المنافع (وَلا ما أَصابَكُمْ) من المضار والقصد من كل ما حدث أن تتعظوا به ولا تعودوا إلى مثله.
١٥٤ ـ (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً) النوم عند المحنة يخفف الكثير من وقع المصاب (يَغْشى) أخذ النوم (طائِفَةً مِنْكُمْ) وهي الثابتة على الإيمان (وَطائِفَةٌ) وهي المنافقة (قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) وما عداها فإلى داهية دهياء.
(يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِ) في أنه يفعل ما لا ينبغي فعله ، تعالى الله عما يصفون (ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) بدل من غير الحق (يَقُولُونَ) أي المنافقون يسألون رسول الله : (هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ) النصر والظفر (مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) يعز من يشاء ويذل من يريد (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) التكذيب والنفاق (ما لا يُبْدُونَ لَكَ) شأن العدو الجبان (يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) لو كانت قيادة الحرب لنا (ما قُتِلْنا هاهُنا) في هذه المعركة (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ) أبدا لا ينجو من القدر هارب (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ) فالحكمة من المحن والمصائب أنها المحك الذي يميز بين الطيب والخبيث وتظهر كلّا على حقيقته للناس لا لله سبحانه ، لأنه عليم بذات الصدور.
١٥٥ ـ (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ) انهزموا خوفا وجبنا (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) في أحد ، وكانوا سببا مباشرا لغلبة المشركين على المسلمين (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا) طمع فيهم الشيطان حيث أطاعوه من قبل (وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ) لأنهم تابوا.
١٥٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا) باطنا لا ظاهرا (وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ) في النفاق (إِذا
____________________________________
الإعراب : (إِذْ تُصْعِدُونَ) إذ ظرف زمان. متعلق بعفا في الآية المتقدمة. و (لِكَيْلا) المصدر المنسبك مجرور باللام متعلق أيضا بعفا ، و (أَمَنَةً) مفعول أنزل ، وهي مصدر مثل العظمة والغلبة. ونعاسا بدل من أنة. وطائفة الأولى مفعول يغشي. وطائفة الثانية مبتدأ ، والخبر جملة قد أهمتهم. وجملة يظنون حال من الضمير في أهمتهم. وغير الحق مفعول مطلق ليظنون ، لأنه بمعنى يظنون غير الظن الحق وظن الجاهلية بدل من غير الحق. وجملة يقولون بدل من جملة يظنون.