١٠٤ ـ (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) لتكن أمر يدل على الوجوب ، ومن في (مِنْكُمْ) للتبعيض إشارة إلى أن هذا الأمر من فروض الكفايات ، والخير. عام لما يجب فعله وما يجوز تركه.
(وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) والمراد بالمعروف هنا ما يجب فعله بقرينة وجوب الأمر به ، والمراد بالمنكر ما يجب تركه بقرينة وجوب النهي عنه ، وتجدر الإشارة إلى أن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرورة دينية عند المسلمين يستدل بها ، ولا يستدل عليها (وَأُولئِكَ) الذين يأمرون بالمعروف (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المنتصرون دنيا وآخرة.
١٠٥ ـ (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا) وهم اليهود والنصارى (مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) الموجبة للاتفاق والائتلاف ، وقبيح بنا نحن المسلمين أن نتمرد على هذه الآية ، ثم نعلنها على الملأ في مكبرات الصوت! أليست هذه فضيحة؟
١٠٦ ـ (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ) الذين تعاونوا على البر والتقوى (وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) الذين تعاونوا على الإثم والعدوان (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ) وهم الذين فرقهم خبث السرائر وسوء الضمائر ، يقال لهم غدا : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) بالله ورسوله واليوم الآخر (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) وإطلاق الكفر هنا يشمل كفر الجحود وكفر المعصية مع الإيمان بالتكليف.
١٠٧ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ) وهم الذين يتواصون بالحق وبه يعملون (فَفِي رَحْمَتِ اللهِ) ونعمته (هُمْ فِيها خالِدُونَ).
١٠٨ ـ ١٠٩ ـ (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ) يا محمد (بِالْحَقِ) الذي لا ينكره إلا مكابر ومعاند ١١٠ ـ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) طال الكلام حول هذه الآية حتى تجاوزت غايته ونهايته ، والذي نراه أن الله سبحانه أعطى الأفضلية لأمة محمد (ص) بشروط ثلاثة الأول أن يحرصوا على عقيدة التوحيد. الثاني أن يعملوا بموجب هذه العقيدة من إطاعة الله سبحانه في حلاله وحرامه ، وأشار سبحانه إلى هذين الشرطين بقوله : (وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) الثالث أن يواصلوا نشر الدعوة إلى دين الله وشريعته بالحكمة وبكل وسيلة من وسائل الإعلام في شرق الأرض وغربها ، ومتى توافرت هذه العناصر الثلاثة في المسلمين كانت لهم القيادة والسيادة على سائر الأمم ، وإن اختل واحد منها فلا خير فيهم ولا فضل وفضيلة.