٣٢ ـ ٣٣ ـ (هذا ما تُوعَدُونَ) هذا إشارة إلى الجنة ، والخطاب في توعدون للذين توافرت فيهم أربع خلال : (١) يرجعون إلى الله في جميع أمورهم (٢) يحفظون عهد الطاعة ولا ينقضونه (٣) يخافون الله في السر حيث لا يراهم أحد إلا هو (٤) يأتون ربهم يوم القيامة بقلوب زاكية خالية من كل ما يشين.
٣٤ ـ ٣٥ ـ (ادْخُلُوها بِسَلامٍ) والفرق بين السلام في الآخرة والسلام في الدنيا أن هذا السلام الأخير في كف عفريت معرّض للزوال والآفات والمخبآت ، أما سلام الآخرة فهو باق ببقاء الله سبحانه ، ولذا قال عز من قائل : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) وفي الآية ٤٦ من الحجر (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) أي من التقلبات والمفاجئات.
٣٦ ـ (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) القرن : أهل العصر الواحد ، فإذا هلك أكثرهم قيل : انقضى قرنهم ، فنقبوا في البلاد : ساروا فيها وطافوا ، والمحيص : المهرب ، وتقدم مرات ومرات وآخرها الآية ١٢ وما بعدها من هذه السورة.
٣٧ ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى) عظة وعبرة (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) عقل يعي العواقب ، ويبتعد بصاحبه عن المخاطر (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) أقبل على العظة بكله ، وتابعها وانفعل بها.
٣٨ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) المراد بالأيام هنا الدفعات أو الأطوار ، وتقدم في ٥ آيات ، منها الآية ٥٤ الأعراف (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) أي تعب وإعياء.
٣٩ ـ (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) من سفه وأباطيل ، وما ذا يهم؟ وما هي النتيجة؟ أبدا لا شيء سوى رياح تقذفها الرئة إلى الأنف ، ومنه إلى هباء ، فعلام الغضب؟ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) إشارة إلى صلاة الفجر (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) صلاة العصر ٤٠ ـ (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) صلاة المغرب والعشاء ، وبالمناسبة قال قائل : أنا أؤمن بالله ولكن لا أرى في الصلاة أية ضرورة. قلت : يخيل إليك أنك من المؤمنين ، ولست هناك. قال : كيف؟ قلت لأنك ترد على الله بوقاحة وصلافة هو يقول : تجب الصلاة. وأنت تقول : كلا ، لا وجوب فسكت متحيرا ، ثم سأل : وما جدواها؟ قلت : أنت تطلب الرحمة من الله ، إن كنت مؤمنا كما تزعم. قال : بكل تأكيد قلت : الصلاة استرحام وسؤال الهداية والأمان (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) بالتسبيح والتعقيب ندبا لا وجوبا.
٤١ ـ (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ) في هذه حذف ، والتقدير : استمع يا محمد لوحي الله الذي يخبرك به عن يوم القيامة الذي ينادي فيه المنادي (مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) أي يسمعه جميع الخلائق حتى كأنه قريب من كل واحد منهم ، ويخاطبه مواجهة لا بمكبر الأصوات.
٤٢ ـ ٤٣ ـ (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِ) المراد بهذه الصيحة عين المراد بنفخة الصور في الآية ٥١ من يس : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) وقوله تعالى (بِالْحَقِ) رد على من أنكر البعث (ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) من القبور.