لهم هود : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) قلتم : فأتنا بما تعدنا ، فجاءتكم ريح لا تبقي ولا تذر (فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) خالية لا سميع فيها ولا بصير ، ونعوذ بالله من المخبآت والمفاجئات.
٢٦ ـ (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) الخطاب لعتاة قريش ، والمعنى أعطينا عادا ما لم نعطكم مثله من الأموال والأولاد ، ثم أهلكناهم بذنوبهم ، ألا تخشون أن يصيبكم ما أصابهم؟ (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً ...) كانت الأمم الماضية أيها المجرمون المعاندون لمحمد ، لهم سمع وبصر وعقل تماما كما لكم ، ولما عموا وصموا عن دعوة الحق أخذهم الله بما كسبوا ، وما أغنى عنهم بصر وبصيرة ، فاتعظوا بالعبر واعتبروا بالغير.
٢٧ ـ (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) الخطاب لمشركي مكة ، والمراد بالقرى أهلها ، وهم عاد وثمود ومن جاورهم (وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) بيّنا وكررنا ألوانا من الدلائل والعظات ، عسى أن يتعظوا ، فأبوا إلا كفورا ، فحقت كلمة العذاب على الكافرين.
٢٨ ـ (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ ...) عبدوا الأصنام يبتغون بها الوسيلة إلى الله! فإذا بها لا شيء (وَذلِكَ) إشارة إلى ضعف الأصنام وعدم جدواها (إِفْكُهُمْ) وافتراؤهم على الله ، وكل ذلك تقدم وتكرر.
٢٩ ـ (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ) يا محمد ، ومعنى انصرف إليك أقبل وتوجه نحوك ، وانصرف عنك انحرف وذهب (نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) فكرة وجود الجن لا يرفضها العقل ، وقد نزل بها الوحي فوجب التصديق ، وما أكثر ما نجهل من عوالم هذا الكون. وعلى أية حال فإن الله سبحانه قد دفع بنفر من الجن إلى الرسول الأعظم ليستمعوا إليه وهو يتلو القرآن (فَلَمَّا حَضَرُوهُ) قال بعضهم لبعض : اسكتوا وتدبروا معانية وأهدافه (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) لما فرغ النبي (ص) من القراءة سارعوا إلى قومهم مبشرين بالإسلام.
___________________________________
الإعراب : (رِيحٌ) خبر لمبتدأ محذوف أي هو ريح. (كَذلِكَ نَجْزِي) الكاف بمعنى مثل قائمة مقام المفعول المطلق أي مثل ذلك الجزاء نجزي مكناهم فيما إن «ما» بمعنى الذي و «إن» نافيه أي مكنا عادا من المال والقوة ما لم نمكنكم فيه يا قريش. وآلهة مفعول ثان لاتخذوا ، والمفعول الأول محذوف أي اتخذوهم. وقربانا مفعول من أجله أي اتخذوهم آلهة ليقربوهم الى الله مثل قوله تعالى حكاية عنهم ، (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) «٣ الزمر». (إِذْ) متعلقة بمحذوف أي واذكر إذ صرفنا. والهاء في (حَضَرُوهُ) للقرآن. و (مُصَدِّقاً) صفة لكتاب.