١٩ ـ (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) لا مما لهم من جاه ومال ، ولا من لون ونسب ، ولا من لغة ومذهب ، بل مما عملوا بهذا النص القاطع. وقال بعض من ينتسب إلى الدين : إن الدرجات بمشيئة الله وكفى ، والاعتراض عليها زندقة وهرطقة. ونجيب : كل شيء بمشيئته تعالى ، ولكن هذه المشيئة القدسية قد تتعلق بشيء مطلق مثل آمنوا بالله واليوم الآخر ، وقد تتعلق بشيء مشروط ومقيد مثل حجوا إن استطعتم ، والرفع مقيد بالعمل الصالح بل هو تمام الموضوع بدليل قوله تعالى : (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).
٢٠ ـ (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) أي يعذبون فيها ، وتقول لهم ملائكة العذاب : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) تقلبتم في كل لذة وشهوة على حساب الفقراء والمساكين ، واستوفيتم الحظ الأوفر من متاع الحياة الدنيا (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) وهذا الخطاب للمتزعمين والمترفين وحدهم لأن غيرهم لا يملك جاها ولا مالا كي يشمخ به ويتعالى (وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) وهذا يطرد ويشمل كل من يعبث بالقيم ، ويتلاعب بالشعارات ، ويتستر بالنفاق والرياء.
٢١ ـ (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ) هودا (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) جمع حقف وهو الرمل المستطيل المرتفع وفيه انحناء ، وكانت عاد بين رمال مشرفة على البحر بالشجر من بلاد اليمن كما في جوامع الجامع (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) جاءت الرسل من قبل هود ومن بعده ، والدليل على أن المراد بخلت هنا جاءت قوله تعالى : (عادٍ وَثَمُودَ إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) ـ ١٤ فصلت».
٢٢ ـ (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا) لتصدنا عن عبادة الأصنام ، إن هذا لشيء عجاب ، وهكذا تطغى العادة على كل تفكير. ومن هنا قيل : العادة طبيعة ثانية بخاصة إذا كانت موروثة أبا عن جد (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) عجّل بعذابك الموعود إن كان حقا وصدقا.
٢٣ ـ (قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ) لا أعلم أمد العذاب ولا نوعه ، إنما الغيب لله وحده.
٢٤ ـ ٢٥ ـ (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ) نزل عليهم العذاب من السماء ، فظنوه غيثا وفرحوا به ، فقال
___________________________________
الإعراب : و (إِحْساناً) نصب على المصدر أي ان يحسن إحسانا ، و (كُرْهاً) صفة لمفعول مطلق محذوف أي حملا كرها أو حال أي كارهة. والمصدر من ان أشكر مفعول أوزعني. وصالحا صفة لمحذوف أي عملا صالحا. (وَعْدَ الصِّدْقِ) منصوب على المصدر أي وعد الله وعد الصدق. (وَالَّذِي) مبتدأ والمراد به الجنس لا شخص معين ، وأولئك الذين حق خبره. (أُفٍّ لَكُما) أف اسم فعل ولكما متعلق به. والمصدر من ان أخرج مجرور بباء محذوفة. (وَيْلَكَ) مفعول لفعل محذوف أي ألزمك الله الويل. و (لِيُوَفِّيَهُمْ) متعلق بمحذوف أي بعثناهم ليوفيهم. وجملة (أَذْهَبْتُمْ) مفعول لقول محذوف أي يقال لهم أذهبتم ألخ.