٢٦ ـ (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) ولما ذا يملك سبحانه وهو الغني في ذاته وصفاته عن كل شيء؟ الجواب ليس المعنى أنه يحتاج إلى الملك ، بل معناه أنه يخلق الملك ويمنحه (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) لا أحد يملك شيئا إلا أن يملكه الله إياه (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) تسترده بعد العطاء (وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بالتوفيق والعناية (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) بالخذلان والتخلي (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) ويده تعالى قدرته ، وكل ما ينتفع الناس به هو خير.
٢٧ ـ (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) تدور الأرض حول الشمس بالسنن التي أودعها الله في الطبيعة ، فتعدد الفصول ويأخذ الليل من النهار في فصل حتى يصير ١٥ ساعة والنهار ٩ ساعات (وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) وفي فصل آخر يأخذ النهار من الليل حتى يصير ١٥ ساعة والليل ٩ (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) كخروج الشجرة من النواة (وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) كخروج النواة من الشجرة ، وفيه إيماء لصراع الأضداد بمعنى تحول الشيء إلى ضده لا بمعنى الجمع بين الضدين (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) ولكن مع السبب الموجب ، لأن الله تعالى أبى أن يجري الأمور إلا على أسبابها.
٢٨ ـ (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) والذي نفهمه من الولاية هنا الصداقة الصادقة ومن الكافرين كل من كان عدوا للإسلام والمسلمين ، والقرينة على هذا المعنى قوله تعالى بلا فاصل : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) أي أن صداقة المسلم للكافر معناها قطع الصلات بالكامل مع الله ، قال الإمام أمير المؤمنين (ع) صديق عدوك عدوك (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) هذه رخصة بالمداراة عند الخوف فقط ، ثم أكد سبحانه ذلك بهذا التحذير : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) تهديد بالعذاب الشديد لمن يتولى قوما طاغين مجرمين.
٢٩ ـ (قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ ...) لا تخفى عليه خافية.
٣٠ ـ (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) لن يفوز بالخير ـ غدا ـ إلا عامله ، ولا يجزى جزاء الشر إلا فاعله (تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً
____________________________________
الإعراب : (فِي شَيْءٍ) متعلق بمحذوف خبر (فَلَيْسَ) ، و (مِنَ اللهِ) متعلق بمحذوف حال من شيء ، وجاز أن يكون صاحب الحال نكرة لتأخره ، كما قال النحاة.