لإسماعيل : (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) عزم إبراهيم من غير تردد أن يحقق رؤياه بالفعل ، لأن النبي لا يرى رؤيا إلا وهي وحي من عليم حكيم ، وأخبر ولده إسماعيل بعزمه ، وطلب منه أن يبدي رأيه في ذلك بعد النظر والتأمل (قالَ) إسماعيل : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) هذا هو سبيل المؤمنين حقا وصدقا : امض على أمر الله بصبر وشجاعة حتى ولو كان أمرا بالذبح بلا تحريف وتأويل واعتذار وتعليل ، وقال سيد الشهداء الحسين (ع) حين ذهب للاستشهاد : أمضي على دين النبي ، وقال ولده الشهيد عليّ الأكبر (ع) : لا نبالي بالموت ما دمنا على الحق ، وكل أئمتنا الأطهار ازدروا الدنيا واستهانوا بالحياة طاعة لأمر الله تعالى ، ومن أجل هذا ندين لهم بالولاء ، لا من أجل النصوص وكفى.
١٠٣ ـ (فَلَمَّا أَسْلَما) استسلم إبراهيم وإسماعيل وانقادا لأمر الله (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) صرعه بالأرض ، فوقع على أحد جنبيه.
١٠٤ ـ ١٠٦ ـ (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) جواب لما محذوف ، وتقديره كما في جوامع الجامع : «كان ما كان مما لا يحيط به الوصف من شكرهما لله على ما أنعم به عليهما من دفع البلاء العظيم».
١٠٧ ـ (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) المراد بالذبح المذبوح والمشهور أنه كبش ، وطريف قول بعض المفسرين : انه كان أملح ، ورعى في الجنة أربعين خريفا.
١٠٨ ـ ١١١ ـ (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) ... (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) تقدم هذا النص في الآية ٧٨ وما بعدها من هذه السورة.
١١٢ ـ ١١٣ ـ (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) جزاء لإقدامه على ذبح ولده الوحيد إسماعيل آنذاك ، وفي الإسرائيليات أن الذبيح المفدي هو إسحاق أبو الإسرائيليين ، وصدقهم بعض الشذاذ ، والشاذ من الناس للشيطان كما أن الشاذ من الغنم للذئب كما قال الإمام أمير المؤمنين (ع). وجاء في الحديث عن الرسول الأعظم (ص) أنه قال : أنا ابن الذبيحين أي إسماعيل وعبد الله بن عبد المطلب. أنظر ما قلنا حول هذا الموضوع في التفسير الكاشف ج ٦ ص ٣٥١ ، وتقدمت قصة إبراهيم مرارا ، منها في الآية ٥١ ـ ٧٣ من الأنبياء.
١١٤ ـ ١٢٢ ـ (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ ...) أنعم سبحانه عليهما بالنبوة والنجاة من العدو الألد والإنتصار عليه وهو فرعون وقومه الذي كان يقتل الأبناء ويستحيي النساء ، عظمت حكمته ، وأبقى لهما الذكر الجميل والثناء العاطر ، وفوق ذلك أنزل على موسى التوراة ، وفيها أحكام الله الواضحات ، وتقدمت قصة موسى مرات ، منها في الآية ١٠٣ ـ ١٥٦ ـ من الأعراف.