٢٧٢ ـ (لَيْسَ عَلَيْكَ) يا محمد (هُداهُمْ) بل عليك أن تبلّغ وتأمر المسلمين بالإنفاق بلا من وأذى
ورياء ، وليس عليك أن تحملهم على العمل بالتقوى والهدى (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) من يقبل النصح والإرشاد وتقدم الكلام عن ذلك في تفسير
الآية ٢٦ (وَما تُنْفِقُوا مِنْ
خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ) أي منفعة لكم وإذن علام تمنّون على من تنفقون؟ (وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ
وَجْهِ اللهِ) إذا تصدّقتم لوجه الله حقا وصدقا فعليكم أن لا تتبعوا
الصدقة بالمنّ والأذى (وَما تُنْفِقُوا مِنْ
خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) ثوابه أضعافا ، فلا عذر لكم في الإمساك والبخل ولا في
المنّ والتقريع.
٢٧٣ ـ (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي
سَبِيلِ اللهِ) أي أعطوا زكاة أموالكم للذين تفرّغوا للجهاد وطلب العلم (لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي
الْأَرْضِ) يعجزون عن العمل (يَحْسَبُهُمُ
الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) عن الطلب (تَعْرِفُهُمْ
بِسِيماهُمْ) تعرف فاقتهم بعدم ظهور النعمة عليهم وغير ذلك من الدلائل
لا بالطلب والإلحاح (لا يَسْئَلُونَ
النَّاسَ إِلْحافاً) إلحاحا ، والخلاصة يعطى مال الله سبحانه للمجاهد في ميدان
القتال دفاعا عن مبدأ الحق والدين القويم ، ولطالب العلم النافع ، ولكل عاجز عن
العمل لا يتسول ولا يتحايل.
٢٧٤ ـ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ
بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ
رَبِّهِمْ ...) نعم كل من فعل ذلك لوجه الله ، ولكن تواردت الأخبار أنها
نزلت في عليّ (ع).
٢٧٥ ـ (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا
يَقُومُونَ) يوم الحشر من قبورهم (إِلَّا كَما يَقُومُ
الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ) يضربه (الشَّيْطانُ) ضربا شديدا (مِنَ الْمَسِ) الجنون. ومن المعلوم أن الشيطان لا سلطان له على الإنسان ،
وإنّما القصد مجرد التشبيه والتقريب. لأن العرب كانوا يقولون عمّن يصاب بالصرع :
مسّه الشيطان.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) الضمير للذين يأكلون الربا ، وذلك إشارة إلى تخبّطهم (قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ
الرِّبا) قاسوا الربا على البيع من حيث الزيادة والتفاضل فيهما معا
، فكيف حرّم الربا دون البيع فردّ عليهم سبحانه بقوله : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) لأن الزيادة التي يأخذها البائع لها مقابل ، وهو تفرغه
للقيام بدور الوسيط بين المنتج والمستهلك (وَحَرَّمَ الرِّبا) لأنه استغلال محض وأخذ للزيادة من غير مقابل ، وعليه فلا
مبرّر للقياس
____________________________________
الإعراب : (فَلِأَنْفُسِكُمْ) خبر لمبتدأ محذوف ، أي فهو لأنفسكم ، وأيضا (لِلْفُقَراءِ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره صدقاتكم للفقراء ، و (إِلْحافاً) قائم مقام المفعول المطلق ، أي لا يسألون الناس سؤالا
ملحفا ، ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر ، أي يلحفون إلحافا.