أي الجنّة (إِعْصارٌ) ريح فيها سموم محرقة (فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ) حتى أصبحت غبارا منتشرا ، وكل من يعمل صالحا ، ويتبعه بما يذهب بأجره وثوابه ، مثله كهذا العجوز العاجز المعيل الذي أتعب نفسه شابّا لصغاره وشيخوخته ، بغير جدوى.
٢٦٧ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) سواء أكان مصدر الكسب صناعة أم زراعة أم تجارة أم هدية أم ميراثا أم وظيفة أم أي شيء آخر (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) نباتا كان أم معدنا (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) لا تقصدوا المال الرديء من أموالكم فتنفقوا منه.
(وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ) أنتم لا تأخذون الرديء في حقوقكم وديونكم ، فكيف تعطونه لغيركم؟ (إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) أن تتسامحوا بأخذه ، من أغمض فلان عن حقّه إذا غضّ النظر عنه.
٢٦٨ ـ (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) يخوّفكم منه إن أنفقتم في سبيل الخير (وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) المعاصي والآثام ، ومنها منع الزكوات والأخماس (وَاللهُ يَعِدُكُمْ) إن أنفقتم وبذلتم (مَغْفِرَةً مِنْهُ) لذنوبكم (وَفَضْلاً) رزقا واسعا.
٢٦٩ ـ (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ) وهي الإصابة في القول والعمل (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) وفاز فوزا عظيما دنيا وآخرة (وَما يَذَّكَّرُ) يتّعظ ويعمل بالحكمة (إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) أصحاب العقول الخالصة النيّرة.
٢٧٠ ـ (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ) إخلاصا أو رياء (أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ) في طاعة أو معصية (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) ويجازي عليه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر (وَما لِلظَّالِمِينَ) وهم الأغنياء الذين يمسكون ويبخلون (مِنْ أَنْصارٍ) يدرءون عنهم سوء العذاب.
٢٧١ ـ (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) لا بأس في إظهار الصدقة ما دام القصد وجه الله (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) من الإظهار ، لبعدها عن شبهة الرياء من جهة ، وحرصا على كرامة الفقير من جهة ثانية (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) أي بعض السيّئات ، لأن الصدقة لا تمحوا جميع الذنوب ، وتدفع الكثير من بلاء الدنيا بالحسّ والتجربة.
____________________________________
الإعراب : (أَنْ تُغْمِضُوا) المصدر المنسبك من ان وصلتها في موضع نصب مفعول من أجله لآخذيه ، والتقدير لستم بآخذيه إلا لاغماضكم.