هدي البشر وإسعاده (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) من نبي مرسل أو كتاب منزل أو حجة من عقل أو سنة فاضلة عادلة ، وتقدم في الآية ٣٦ من النحل وغيرها.
٢٥ ـ ٢٦ ـ (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ ...) تقدم مرات منها في الآية ١٨٤ من آل عمران (وَبِالزُّبُرِ) الكتب أو الحكم والمواعظ (وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) كتوراة موسى وإنجيل عيسى وصحف إبراهيم الأولى.
٢٧ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) فاهتزت الأرض ونمت وأنبتت أشكالا وألوانا وتقدم مرات ، منها الآية ٥ من الحج (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) جمع جدة بضم الجيم وهي الطريق والجادة (بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) بعض هذه بيض ، وبعضها حمر ، وبعضها سود ، وإذا وصف العرب الشيء بكثرة السواد قالوا أسود غربيب.
٢٨ ـ (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ) أي وكذلك كل ما دب على قوائم ، ومنها الأنعام : الإبل والبقر والغنم هي مختلفة في ألوانها ، وهذا التفاوت في الألوان دليل على قدرة الله وحكمته ولا أثر له إطلاقا في الامتياز والتفاضل. (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) وكلمة «يخشى» توحي بأن العلم الخالص من كل شائبة يؤدي حتما إلى معرفة الله وخشيته ، وما من شك أن نكران الذات والأنانية من لوازم الخوف من الله وآثاره ، ومعنى هذا أن من يكفر بالله أو آمن به نظريا وجحده عمليا فما هو من العلم الخالص في شيء ، واستوحيت تفسيري هذا لعلماء الخشية من قول أمير المؤمنين وإمام المتقين في وصفهم : «عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم».
٢٩ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ) ويعملون به وإلا فكم قارئ للقرآن والقرآن يلعنه كما جاء في الحديث الشريف ، لأن القرآن يلعن الكاذبين في الآية ٦١ من آل عمران والظالمين في الآية ٤٤ من الأعراف والمفسدين في الآية ٢٥ من الرعد ، بل ويلعن كل مجرم وآثم ، فإذا قرأ الفاسق والمجرم القرآن فقد لعن نفسه بنفسه إضافة إلى لعنة الله وقرآنه (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا ...) تدخل الصلاة والزكاة في العمل بموجب القرآن (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) لأنها مع الله ولوجهه الكريم.
٣٠ ـ (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ ...) لأنه لا يضيع أجر المحسنين بل ويزيدهم من فضله ورحمته.
___________________________________
الإعراب : (إِنْ) نافية ، و (مِنْ) زائدة اعرابا ، و (أُمَّةٍ) مبتدأ ، وجملة (خَلا) خبر. و (مُخْتَلِفاً) صفة لثمرات وألوانها فاعل مختلف. ومن الجبال جدد مبتدأ وخبر ، و (بِيضٌ وَحُمْرٌ) صفة لجدد. ومختلف ألوانها صفة لحمر. وبيض موصوفة بمختلف محذوف.