(قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) لأنهم أكثر عددا.
(قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ) يريد يعلمون (أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ) وحسابه وجزائه : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) فليست العبرة بالعدد بل بالثبات على الحقّ والإخلاص والاستماتة في سبيله (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) على الشدائد في مرضاته.
٢٥٠ ـ (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) لما التقى الجمعان (قالُوا) المؤمنون المخلصون : (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) دعوا بإخلاص وهم في قلب المعركة وعلى نيّة الجهاد والثبات حتى النهاية ، فاستجاب لهم ربّهم بعد أن علم منهم الصدق والوفاء.
٢٥١ ـ (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ) تمّ لهم النصر على أعدائهم (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ) وصار لداود بقتل جالوت من الشهرة والسمعة ما ورث به ملك بني إسرائيل كما أشار سبحانه بقوله : (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ) وهي النبوة (وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) من صنع الدروع وكلام الطير والنمل (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) لا تستقيم الحياة إلّا بقويّ يقاتل به عدو الحق ، وتأمن به السبل ، ويؤخذ به للضعيف من القوي كما قال أمير المؤمنين (ع).
٢٥٢ ـ (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ) يا محمد (بِالْحَقِ) لتخبر بها أهل الكتاب كما هي في كتبهم ، وهم يعلمون علم اليقين أنّك لم تقرأها أو تسمعها (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) حتّى عند العلماء من أهل الكتاب.
٢٥٣ ـ (تِلْكَ) جماعة (الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) أي يتفاوتون في الخصائص (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) وهو موسى بن عمران (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) وهو محمّد (ص) حيث خصّ بالمعجزة القائمة إلى يوم القيامة وهي القرآن (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ) كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) أي بالروح
____________________________________
الإعراب : أما العبرة من الاشارة إلى هذه القصة وتدبرها فهي ان الذي تجب له القيادة من يتمتع بالكفاءة العلمية والخلقية ، لا صاحب الحسب والنسب ، والجاه والمال ، وان النصر والغلبة تكون بالصبر والايمان ، لا بكثرة العدد ، وان السبيل الى معرفة الطيب والخبيث هي التجربة والابتلاء