٢١٧ ـ (يَسْئَلُونَكَ) يا محمد (عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) بعث النبيّ (ص) بسرية من الصحابة فقتلت وأسرت وغنمت من المشركين ، وكان ذلك في أول يوم من رجب الحرام ، فسئل النبي : هل في الشهر الحرام قتال؟ فقال سبحانه لنبيّه الكريم : (قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) أي أن القتال في الشهر الحرام ذنب كبير إذا كان هجوما وعدوانا لا دفاعا وتأديبا (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ) كفر المشركون بالله ، ومنعوا الناس عن الإيمان به (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وأيضا صدّ المشركون المسلمين عن المسجد الحرام والتعبّد به لله (وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ) وأخرجوا المسلمين من مكة (أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) مما فعلته السريّة من القتال في الشهر الحرام (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) تقدّم في الآية ١٩١ (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا) الهدف الأول لأعداء الإسلام أن لا يبقى له عين ولا أثر ، ومن أجل هذا يقاتلون المسلمين بكل سلاح.
(وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) يترك الإسلام والعمل بشريعته (فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ) بلا توبة خالصة (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا) لما يفوتهم من ثمرات الإسلام ، (وَ) في (الْآخِرَةِ) أيضا لما يفوتهم من الثواب.
٢١٨ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا) مع الرسول من مكة إلى المدينة (وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) في نصرة الإسلام ومقاومة أعدائه (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) دنيا وآخرة ، ومن رجا عرف رجاؤه في عمله (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) نسألك اللهمّ الرحمة والمغفرة.
٢١٩ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) القمار (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) في الخمر ذهاب المال والعقل ، والقمار ذلّ وفقر (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) تذهب مع الريح كنشوة السكران ومواعيد الشيطان (وَإِثْمُهُما) أي وعقاب الإثم في تعاطيهما (أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) والعبرة دائما بالأكبر والأكثر ، فما كان الضرر فيه أكثر فهو متروك ، وما كان النفع فيه أكبر فهو مطلوب. (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) أي أنفقوا ما زاد عن حاجة العيال (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) التي فيها حكم الخمر والقمار وحكم الصدقة (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)
____________________________________
الإعراب : (كُرْهٌ لَكُمْ) ، أي مكروه لكم ، أو ذو كره ، (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا) المصدر المنسبك من أن وما بعدها فاعل عسى ، وهي هنا تامة لا تحتاج الى خبر ، ومثلها (عَسى أَنْ تُحِبُّوا) ، و (قِتالٍ) فيه مجرور بدل اشتمال من الشهر الحرام ، و (قِتالٍ فِيهِ) مرفوع مبتدأ ، و (فِيهِ) متعلق بمحذوف صفة ، وكبير خبر ، (وَصَدٌّ) مبتدأ ، (وَكُفْرٌ بِهِ) معطوف عليه ، (وَإِخْراجُ أَهْلِهِ) أيضا مثله ، وخبره (أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) ، (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) مجرور عطفا على سبيل الله.