كان للكون ربا يستحيل النسيان في حقه (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ) الأمر لرسول الله (ص) بأن يصدع بما يؤمر ، ويصبر على الأذى في سبيل مهمته (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) مثيلا وشبيها
٦٦ ـ ٦٧ ـ (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُ) الإشكال هو الإشكال والجواب هو الجواب من يحيي العظام وهي رميم؟ يحييها الذي أنشأها أول مرة ، ويقول من لا يؤمن إلا بالمشاهدة والتجربة : لقد شاهدنا وجربنا النشأة الأولى ، أما الثانية فلا يمكن فيها التجربة والمشاهدة. ولا جواب لهؤلاء الجاحدين المعاندين إلا قوله تعالى : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) ـ ٧١ الأعراف».
٦٨ ـ (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ، ويومئ هذا القسم إلى أشد الغضب منه تعالى على من أنكر النشر والحشر (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) يخرجون من القبور على أسوأ حال ، ثم يساقون إلى جهنم ، وقبل دخولها يتحلّقون حولها جاثين على الركب ينظرون إليها ، وتنظر إليهم.
٦٩ ـ (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) يبدأ سبحانه بالقادة العتاة ، يلقي بهم في جهنم الأعتى فالأعتى ، ويأخذ كل واحد منهم المكان اللائق من عذاب الحريق ٧٠ ـ (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا) يعلم سبحانه ما يجترح الإنسان من سيئات في سره وعلنه ، ويجازيه بما يستحق.
٧١ ـ (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) المراد بالورود هنا مجرد الرؤية والمشاهدة لأن المؤمنين عن النار مبعدون عقلا ونقلا.
٧٢ ـ (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) من عذاب النار (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) ولا يظلم ربك أحدا ، أما الحكمة في مشاهدة المؤمن الصالح نار جهنم فهي أن يفرح ويغتبط حامدا شاكرا نعمة النجاة والخلاص من لهبها وكلبها.
٧٣ ـ (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) عليهم يعود إلى مشركي قريش ، وآيات الله هي حجّته البالغة ، ودلائله القاطعة (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ) المؤمنين أو الجاحدين (خَيْرٌ مَقاماً) حالا ووضعا (وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) ناديا يكثر رواده ورجاله ، وخلاصة المعنى أن الجبابرة الأشرار يجابهون دعوة الله والحق بقولهم لمن سمع لها وأطاع : نحن نعيش في المال والجاه ، وتعيشون أنتم فقراء مساكين ، فكيف تزعمون أنكم المحقون ونحن المبطلون؟ ومن قبل قال فرعون عن موسى : فلو لا ألقي عليه أسورة من ذهب معتبرا الحق بالغنى والباطل بالفقر! ٧٤ ـ (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) أهل عصر ، كانوا أكثر مالا ، وأشد قوة ، وأعز نفرا (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً) متاع البيت وأدواته الضرورية والكمالية (وَرِءْياً) صورة ومنظرا.
٧٥ ـ (قُلْ) يا محمد لمن يتخذ من الترف مقياسا للحق : (مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) إن الله سبحانه يمتحن عباده بالدنيا وزينتها ، ويمهلهم حتى