وشموخه (قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً) هذه إشارة إلى جنته لقرينة السياق لا إلى السموات والأرض كما في بعض التفاسير ، لا غرابة في هذا الجهل والحمق ، فإن الدنيا تغرّ وتضرّ كما قال الإمام عليّ (ع).
٣٦ ـ (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) أيضا هذا من وحي التخمة والبطر (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) مرجعا ، والمعنى على فرض أن هناك جنة ونارا ، فإن جنّتي في الآخرة خير منها في الدنيا. ولماذا؟ أبدا لا لشيء إلا أن المغرور يرى الخطأ صوابا ، والصواب خطأ.
٣٧ ـ (قالَ لَهُ صاحِبُهُ) المؤمن واعظا وزاجرا : (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ...) بالأمس كنت نطفة ، ولك اليوم عقل وسمع وبصر ، فمن أين لك هذا؟ هل هو من صنعك أم من لا شيء؟ وهل عندك من جواب معقول إلا الرجوع إلى العلة الأولى لكل موجود.
٣٨ ـ (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) ولكن أنا أقر وأعترف بأن ربي الله الذي لا إله سواه.
٣٩ ـ ٤١ ـ (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) هلا إذ أعجبتك حديقتك قلت : الحمد لله على فضله ونعمته ، وأستعينه على شكره وطاعته كي يدوم لك هذا الرخاء والهناء.
(إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً ...) ما يدريك أيّها الغر الجهول أني عند الله أغنى منك وأكرم ، وأنه أدخر لي في دار البقاء ما هو خير منك ومن جنتك ، بل ما يدريك أن يجعلني غنيا بعد الفقر ، ويجعلك فقيرا بعد الغنى بين عشية وضحاها؟ والحسبان من السماء : الآفة والصعيد الزلق : أرض ملساء لا تثبت عليها قدم ولا ينبت فيها شيء ، وماء الغور : الغائر في الأرض.
٤٢ ـ (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) وأخيرا وقعت الواقعة ، ونزلت الصاعقة على رأس العنود المتكبر تماما كما حذره المؤمن المخلص ، فهلك الزرع ، وهبوت الأشجار ، وغار الماء في الأرض ، وأصبحت الحديقة قاعا صفصفا. وحلّ الفقر مكان الغنى ، والذل والإنكسار محل التعاظم والكبرياء. هذا هو مصير البغاة والعتاة لمن قبل ومن بعد (وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) وليس براجع ما فات مني ـ بلهف أو بليت أو لو أني.
٤٣ ـ ٤٤ ـ (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ) أبدا لا ناصر ولا جابر إلا الأحد المتوحد.
___________________________________
(الإعراب :) ومثل (آتَتْ لَمْ تَظْلِمْ) في إفراد الضمير ، وشيئا مفعول تظلم. وخلالهما ظرف لأنه بمعنى وسط أو بين ، وهو منصوب بفجرنا. ومالا تمييز ، ومثله نفرا ومنقلبا. ولكنا هو الله ربي الأصل لكن انا هو الله ربي وانا مبتدأ أول ، وهو مبتدأ ثان والله مبتدأ ثالث ، وربي خبر للثالث وهو وخبره خبر للثاني وهو وخبره خبر للأول.