يحلف هذان الآخران أن شهادتهما أصح وأصدق من شهادة الأولين اللذين ظهرت خيانتهما (وَمَا اعْتَدَيْنا) ما تجاوزنا الحق والصدق (إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) لأنفسنا والمفترين على غيرنا.
١٠٨ ـ (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) من غير خيانة وتحريف (أَوْ يَخافُوا) الضمير للشهود الذين حلفوا على أنهم صادقون في شهادتهم (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) أي أن ترد اليمين على الورثة الذين ادعوا أن الشهود خانوا وكذبوا في شهادتهم وفي يمينهم. ومني حلف الورثة هذه اليمين يفتضح الشهود بظهور خيانتهم ويمينهم الكاذبة ، وأنهم جمعوا بين الرذيلتين.
١٠٩ ـ (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) يقول سبحانه غدا لرسله من باب إلقاء الحجة على قومهم : لقد بلغتم رسالتي ، ما في ذلك سؤال ، ولكن هل استجاب لكم قومكم؟ (قالُوا لا عِلْمَ لَنا) علمنا قاصر إلى جانب علمك (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) حتى بما تكن القلوب.
١١٠ ـ (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ) ولما ذا يذكّر بنعمته سبحانه عباده التقي منهم والشقي؟ الجواب : يذكّر الشقي ليرتدع ، ويذكر التقي ليكون على علم اليقين بأنه في عين الله ورعايته دنيا وآخرة (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ) جبريل (تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ) تنزيها لأمك من كل شبهة (وَكَهْلاً) أي أن كلام السيد المسيح طفلا يضاهي كلامه كهلا (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ) الكتابة (وَالْحِكْمَةَ) الشريعة ، (وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ ...) تقدم في الآية ٤٩ من آل عمران ، وكرر سبحانه «بإذني» دفعا لشبهة الشرك والغلو.
____________________________________
الإعراب : وجواب (إِنِ ارْتَبْتُمْ) محذوف ، والتقدير ان ارتبتم فاحبسوهما. و (لَوْ كانَ ذا قُرْبى) اسم كان محذوف ، وجواب لو محذوف ، والتقدير ولو كان المشهود له ذا قربى لم نشتر به ثمنا. (فَآخَرانِ) خبر لمبتدأ محذوف ، أي فشاهدان آخران ، أو فاعل لفعل محذوف ، أي فليشهد آخران. و (الْأَوْلَيانِ) تثنية الاولى بمعنى الأحق أي الأحقان بالميت ، وهما أي الأوليان فاعل استحق وقيل : خبر لمبتدأ محذوف ، أي هما الأوليان. والمصدر المنسبك من أن يأتوا مجرور بإلى محذوفة متعلق بأدنى. وعلى وجهها متعلق بمحذوف حالا من الشهادة. (يَوْمَ يَجْمَعُ) يوم منصوب بفعل محذوف ، أي اتقوا يوم يجمع. و (ما ذا) كلمة واحدة بمعنى أي شيء ، وهي هنا مجرورة بحرف جر محذوف ، أي بأي شيء أجبتم؟ و (إِذْ قالَ) بدل من يوم يجمع. ويجوز أن يكون على ألف عيسى فتحة إذا أعرب ابن مريم صفة له ، ويجوز أن يكون عليها ضمة إذا أعرب ابن بدلا من عيسى ، لا وصفا. و (فِي الْمَهْدِ) متعلق بمحذوف حالا من ضمير تكلم ، (وَكَهْلاً) عطف على الحال المحذوف ، أي كائنا في المهد وكهلا. و (أَنْ آمِنُوا) أن للتفسير بمعنى أي.