الرَّسُولِ)تعالوا إلى الإيمان بالحق والعمل به والتعاون على إقامته (قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) إن دين الحق عندهم هو دين الآباء والأجداد لا دين العقل والوحي والفطرة (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) ونفهم من هذا أن التقليد من حيث هو لا يوصف بخير ولا بشر ، وإنما حكمه حكم ما يؤدي إليه تماما كالوسيلة والمقدمة ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.
١٠٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) تختلف واجبات الإنسان تبعا لطاقته وأهليته ، وعليه أن يقوم بها كاملة ولا يقصر ، فواجب الوالي أن يقوم بحق الرعية مخلصا ، وعلى الجندي أن يسمع لقائده مطيعا ، وعلى المرشد أن يبلغ ناصحا (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) كل إنسان يؤخذ بعمله لا بعمل الآخرين (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ولا عذر لمن قصر وأهمل.
١٠٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ) شهادة مبتدأ ، واثنان خبر ، والمعنى من أحس بدنو أجله في السفر كما يدل قوله : إن ضربتم في الأرض ـ وأراد أن يوصي فليشهد عدلين من المسلمين (ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) من غير المسلمين (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) كنتم مسافرين (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) ظهرت دلائله (تَحْبِسُونَهُما) ضمير المثنى للشاهدين من غير المسلمين (مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) إذا أوصى رجل في السفر ، ولا أحد عنده من المسلمين ، فله أن يشهد اثنين من أهل الكتاب ، على أن يستحلفا بعد الصلاة بين جمع من الناس إنهما ما خانا ولا كتما حقا ولا أخذا رشوة ، وعندئذ تقبل شهادتهما ، ولا تجب اليمين على أحد هما إلا مع الشك في صدقها لقوله تعالى : (إِنِ ارْتَبْتُمْ).
١٠٧ ـ (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) إذا دلت الدلائل على أن الشاهدين قد كذبا في الشهادة ، ومع ذلك بقيا مصرين على صدقهما (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما) أي اثنان من أولياء الميت يقومان مقام الشاهدين اللذين استحقا إثما (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) أي جني عليهم وهم الورثة (الْأَوْلَيانِ) أي الأحقان بالشهادة لقرابتهما من الميت (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما)
____________________________________
الإعراب : و (حَسْبُنا) مبتدأ ، وهو مصدر بمعنى اسم الفاعل ، أي كافينا ، والخبر (ما وَجَدْنا). (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَيْكُمْ) اسم فعل بمعنى احفظوا ، و (أَنْفُسَكُمْ) مفعول. (شَهادَةُ) مبتدأ ، وخبره (اثْنانِ) على حذف مضاف ، أي شهادة بينكم شهادة اثنين. و (ذَوا عَدْلٍ) صفة لاثنين. و (مِنْكُمْ) متعلق بمحذوف صفة للعدلين. (لا نَشْتَرِي بِهِ) الضمير في (بِهِ) يعود الى القسم بالله ، وجملة (لا نَشْتَرِي) جواب يقسمان بالله.