إن لم يكن هذا الفرض فلا بدّ عند فرض وجود الدّليل على الصّحة مع تعلّق النّهى بالفعل من الالتزام بأحد أمرين ، إمّا بأن التّرك ممّا ينطبق عليه وجودا عنوان آخر أرجح ممّا في نفس الفعل من المصلحة ، وإمّا بأنّه ممّا يلازمه خارجا عنوان آخر كذلك من دون أن ينطبق ويتّحد معه وجودا ، كما لو فرض أن العنوان المطلوب في نفسه هو ترك التّشبّه ببني أميّة عليهم اللّعنة ، وإن هذا العنوان يلازم خارجا ترك الصّوم يوم عاشوراء ، ومرجّع التّزاحم بين الفعل والتّرك في هذا الفرض حقيقة إلى التّزاحم بين الضّدّين ، بخلاف الفرض الأوّل فإنّه يشبهه ، لأنّ التّرك فيه ليس مطلوبا في نفسه وبعنوانه بل لأجل انطباق عنوان مطلوب كذلك عليه ، فكأنّ التّزاحم بينه وبين عنوان الفعل وكلاهما وجوديان ، فيشبه التّزاحم بينهما بالتّزاحم بين الضّدّين ، وكيف كان لا أمر فعلا بالفعل لأنّ النّهي الفعلي من ذلك العنوان المتّحد معه وجودا أو الملازم له خارجا مانع عن فعليّة الأمر به ، إلّا أنّه مع هذا يمكن أن يقع صحيحا ومتقرّبا به لأنّه باق على ما هو عليه من المصلحة ، ولا يقتضي النّهي حزازة ومنقصة فيه كي لا يصحّ ولا يصلح لأنّ يتقرّب به ، كما يوجبهما لو كانت فيه مفسدة غالبة على مصلحة التّرك ، ولذا نقول بفساد العبادة المأتي بها ولو مع الجهل عن تقصير بناء على ترجيح جانب النّهي ، فإنّ وجود جهة المفسدة في الفعل مانع عن صلاحيّته لأن يتقرّب به كي يكون صحيحا ومجزيا ، وهذا هو الفارق بين المقامين حيث أنّ النّهي في مقامنا هذا لم يكن لأجل مفسدة في الفعل حسب الفرض ، فيمكن أن يقع صحيحا بأن يؤتى به بداعي الأمر ، وفي مقام اجتماع الأمر والنّهي لا يكون إلّا لأجل مفسدة فيه ، فلا يمكن أن يقع صحيحا ، لعدم وجود ملاك الأمر فيه ، فإنّه بعد التّزاحم وحصول الكسر والانكسار يبقى ذا مفسدة ، ولذا