فتخلّص ممّا ذكرنا أن الصّحة والفساد في العبادات على تفسير المتكلّمين من الأمور الانتزاعيّة وكذا فيها على تفسير الفقهاء في المعاملات أيضا إن أضيفا إلى الأفعال الخارجيّة ، وإن أضيفا إلى الكلّي فهما في العبادات ربّما تكونان من الأحكام المجعولة ، وربّما تكون من المستقلّات العقليّة ، وأمّا في المعاملات فمطلقا تكونان من الأحكام المجعولة.
فانقدح : ممّا ذكرنا فساد القول بانّهما مطلقا من الأمور الاعتباريّة أو من الأحكام المجعولة وساير التّفاصيل المتقدّمة من غير حاجة إلى نقل أدلّتها وبيان ما يرد عليها تفصيلا.
وأقول : لعل هذا الكلام في المقام مبني على إبقاء كلماتهم في تفسير الصّحة والفساد في العبادة والمعاملة على ظواهرها ، إذ لو جمع بينها بأن حملت الصحّة فيها على معنى واحد وهو التّماميّة والفساد على ما يقابلها حسبما تقدّم ، فغير خفي أنّهما بهذين المعنيين من الأمور الاعتباريّة ، واختلاف آثارهما ممّا من حيث كونها عقليّة في بعض الموارد وشرعيّة جعليّة في بعضها الآخر واعتباريّة بحسب بعض الإضافات لا يقتضي اختلافا في حقيقتيهما كما لا يخفى.
«الأمر السّابع»
إذا شكّ في اقتضاء النّهي للفساد له فهل هنا أصل يرجع إليه أم لا؟ التّحقيق أن يقال أما بالنّسبة إلى هذه المسألة الاصوليّة فلا ، إذ دلالة اللّفظ على معنى أمر إحرازي وجداني ، فمع الشّك فيها لا إحراز ، فلا دلالة ، وليس لها واقع آخر كي يحرز بالأصل نفيا أو إثباتا ، وأمّا بالنّسبة إلى المسألة الفرعيّة فمتعلّق النّهي إن كان عبادة وتعلّق بنفسها فالشّك في اقتضاء النّهي فسادها يستلزم الشّك في كون فعلها مقرّبا