حاصلة لصحّة انتزاع مفاهيم مبادي الصّفات الجارية عليه تعالى كالواجب والعالم والقادر والموجود ونحوها من ذاته المقدّسة ، بل قد عرفت أن صدق التّلبس والقيام فيها فيه تعالى أعلى وأقوى ، وإن لم يكن كذلك بحسب أنظار العرف القاصرة عن إدراك أمثال هذه الامور الخفيّة لعدم العبرة بها إلّا في مقام تعيين المفاهيم لا في مقام تطبيقها على مصاديقها ، فيصح انتزاع مفاهيم مثل العالم والموجود والقادر ونحوها من صفاته المقدّسة على نحو انتزاعها من غيره عند تلبسه بمبادئها بمفاهيمها العامة ، ويكون إطلاقها عليه وعلى غيره بمفهوم فارد ومعنى واحد وإن اختلفا في ما يعتبر في صحّة الإطلاق والجري من الاتّحاد وكيفيّة التّلبس بالمبدإ وقيامه بما يجري عليه حيث أنه فيه تعالى بنحو العينيّة وفي غيره بنحو الحلول أو الصدور لأن هذا الاختلاف لا يصير منشأ لأن يكون المراد عند إطلاقها عليه تعالى غير مفاهيمها العامة كي يلزم الالتزام بما التزم به صاحب الفصول (قدس) من النقل أو التجوز فيها ، كيف ولو كان المراد بها غيرها لزم التعطيل في صفاته تعالى بمعنى ، عدم إرادة معنى وكون ذكر مثل يا عالم ويا قادر ونحوهما مجرد لقلقة اللّسان لأن غير تلك المفاهيم العامة الجارية على غيره سبحانه غير مفهوم ولا معلوم إلّا بما يقابلها فإذا قيل الله تعالى عالم إمّا أن يراد به أنه من ينكشف لديه الأشياء ، فهو ذلك المعنى العام ، ولو كان انكشافها لديه انكشافا حقيقيا عينيّا واجبا بخلاف انكشافها عند غيره فإنه ممكن عرضي قائم بالممكن إلّا أن هذا الاختلاف إنما هو بحسب الوجود الخارجي والمصداق لا بحسب المفهوم العام واختلاف مصاديقه بحسب علمه تعالى وعلم الملائكة والمرسلين وغيرهم لا يقتضي أن يكون المراد في كلّ مورد معنى ، وإمّا أن يراد به ما يقابله.