والتّعمل عقلا لا يوجب خروجهما عما عليه من البساطة والوحدة بالضّرورة ، مثلا مفهوم النّوع كالانسان إذا تصوره العقل وتأمل فيه يرى أن فيه جهتين جهة عموم تشترك بينه وبين سائر الانواع فينتزع منه معنى الجنس كالحيوان ، وجهة خصوص يمتاز بها عن ما عداه من الانواع فينتزع منه معنى الفصل كالنّاطق مثلا ، فيحلّله إلى جزءين ، جنس وفصل ، إلّا أنه في الحقيقة مفهوم بسيط ومعنى واحد وإلّا لزم عند تصوره تصور جميع الاجناس العالية إلى جنس الاجناس مع فصولها ضرورة أن كلّ جنس عالي مركب أيضا من جنس وفصل وهكذا إلى جنس الأجناس ، ومن الواضح أن الامر ليس كذلك ، فيعلم أن مفهومه بسيط إلّا أنه بالتّأمل والتّعمل يحصل له التّركب والتّحلل ويتبدل ما له من الإجمال والجمع والرّتق إلى التّفصيل والانحلال والفتق.
وممّا ذكرنا : ظهر الفرق بين الحد والمحدود فإنهما متحدان ذاتا وليسا من قبيل اللّفظين المترادفين قطعا ، ومعنى قولهم إن الفرق بينهما هو الإجمال والتّفصيل ، وبالجملة إذا كان المفهوم شيئا واحدا تصورا وإدراكا فلا ينثلم ما عليه من البساطة بانحلاله بالتّعمل العقلي إلى الاثنينيّة.
إذا عرفت ضابطة البساطة بحسب المفهوم فاعلم إن مفهوم المشتق كذلك إذ لا نتصور عند تصور معنى الضّارب في اللغة العربيّة وما يراد منها من سائر اللّغات كلفظة (زننده) في الفارسيّة وهكذا سائر الصّيغ وما يراد منها إلّا شيئا واحدا وإن أمكن تحليله إلى شيئين كذات صدر عنها الضرب ، إذ قد عرفت أن مثل هذا الانحلال إلى الاثنينيّة لا يوجب انثلام ما عليه المعنى من البساطة والوحدة.
الثّاني : لما عرفت بساطة مفهوم المشتق فأعلم أن الفرق بينه وبين مفهوما المبدأ