والذي يلزم من ذلك ، بطلان الثانية لا الاولى ، وبينهما بون بعيد. الا ترى انّ كثيراً من القبائح العقليّة ليس بحرام في الشريعة ونقيضه ليس بواجب ـ انتهى كلامه الشريف ـ (١).
وقال سيّدنا الاجلّ المرتضى رضى الله عنه في «الذّريعة» في مقام الاستدلال على انّ الاشياء التي لم يرد بها نصّ مباحة ـ بعد ان ادّعى انّه ليس عليها المضرّة العاجلة ـ : وامّا المضرّة الاجلة فهي العقاب وانّما يعلم انتفاء ذلك لفقد السمع الّذي يجب ان يرد به لو كان ثابتاً لانّ الله تعالى لابدّ ان يعلمنا ما علينا من المضارّ الآجلة الّتي هي العقاب الذي يقتضيه قبح العقل وإذا فقدنا هذا الاعلام قطعنا على انتفاء المضرّة الآجلة ايضاً ـ انتهى عباراته الشريفة ـ (٢).
ثمّ انّ بعض الفضلاء المتأخرين تردّد في المسألة وبعد الاستدلال على ما ذكرنا من المذهب الحقّ اعنى عدم استقلال العقل بادراك الوجوب والحرمة الشرعييّن قال :
فإن قلت : فإذا كان الامر على ما ذكرت فلم لم تحكم بعدم حجيّة هذه الطريقة على البتّ ، بل جعلت حجيّتها محلّ التأمّل المشعر بالشكّ والتردّد.
قلت : وجه التردّد ممّا مرّ ومن أنّ اخباره تعالى بنفي التعذيب فيما هو مذموم ومكروه عنده اغراء منه تعالى للمكلّف على هذا المذموم وهو
__________________
(١) الفوائد المدنيّة ١٦١
(٢) الذريعة ٨١١ طبع طهران