ماكانوا قادرين على أمر أصلاً لا على ما يجب أن يأخذوا به ولا على ما يجب أن يتركوا ، لعدم علمهم بهذا وكون بيانه موكولاً على الله سبحانه ، فيعلم منه أنّهم لم يكونوا مكلّفين والّا كان تكليفاً بما لايطاق.
ولايخفى انّ هذا الاستدلال ليس من مجرّد الآيات بل بضميمة العقل كما لايخفى ، فتأمّل.
ويمكن أن يقال : انّ الآيات المذكورة والاخبار الواردة في تفسيرها تدلّ على انّ بيان طريقى الحقّ والباطل على الله فقبل بيانه لايوجد شيء من الاحكام أعني الوجوب والحرمة فيكون الاشياء على الاباحة.
ومنها : ما يدلّ على الشقّين أعني حلّيّة الاشياء دون الافعال سواء كان قبل البعثة أو بعدها.
كرواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليهالسلام) قال : «كلّ شيء يكون فيه حرام وحلال فهو حلال لك ابداً حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» (١).
وهذا الخبر مذكور في النوادر من المعيشة من «الكافي».
قال صاحب الفوائد المكيّة : انّ الاستدلال بمثل هذا الحديث على الحلّ إذا كان الحيرة والاشتباه في حكم الله تعالى فهو من اغلاط المتأخرين بل مرادهم (عليهمالسلام) الاشتباه في فرد من الاجناس الّتي علمنا انّ بعض افرادها حلال وبعض افرادها حرام كاللحم والجبن لا في الحكم
__________________
(١) الكافى ٥ / ٣١٣. وراجع المحاسن ٤٩٥