والاكثر صرّحوا بأنّ القائلين بالإحتياط هم القائلون بالتوقّف فإنّهم يتوقّفون في الفتوى ويحتاطون في العمل وسيجيء ان شاء الله العزيز انّ المفهوم من الاخبار انّ التوقّف اخصّ من الإحتياط. وعلى كلا التقديرين (١) يلزم انّ الإحتياط ليس قولاً عليحدة في المسألة بل القول بالتوقّف والاحتياط قول واحد كما تعرف.
وممّا يدلّ على ذلك ما قال الشهيد الثاني رحمهالله في التمهيد (٢) أنّ في المسألة ثلاثة أقوال : الاباحة والتوقّف والحرمة. وكذا قال الشيخ في العدّة (٣) وغيرهما ايضاً كذا قالوا.
ومنهم من قال بأنّ الأصل فيهما الحرمة فبعضهم قال بالحرمة ظاهراً وبعضهم قال بها واقعاً.
ثمّ انّه لا فرق بين الاشياء أو الافعال قبل بعثة الرّسل وما لا نصّ فيه بعد بعثة الرّسل في جريان الخلاف المذكور على ما يظهر من كلام البعض.
وبعض الاصوليين كالآمدي وفخرالدّين الرّازي وتابعيهم اطلقوا القول في الشقّ الثاني بالإباحة ولم يتعرّضوا لنقل الخلاف ، ونقلوا الخلاف في الاشياء قبل بعثة الرّسل.
ولايخفى انّه لا فرق بينهما فما يحتمل أحدهما يحتمل الاخر وكلّ ما
__________________
(١) في بعض النسخ : «الّا انّه على هذا ايضاً» مكان «وعلى كلا التقديرين»
(٢) تمهيد القواعد ، ص ٦٦
(٣) عدّة الاصول ٢ / ٧٤١ تحقيق محمد رضا الانصاري