اقول : هذا الكلام محلّ تأمّل ونظر وذلك لانّ ما يحتاج إلى تحصيل البراءة اليقينيّة هو القدر المتيقّن من التكليف لا القدر المشكوك ايضاً ففي عين الدّابة مثلاً ان علمنا انّ الربع ثابت جزماً والباقي مشكوك فيه فنأخذ بالثابت ونترك المشكوك فيه كما اعترف به هذا القائل ايضاً. وامّا إذا لم يثبت هذا الاقلّ ايضاً بل القدر المتيقّن لنا انّ في عين الدّابة شيئاً من الدّيّة ولم يكن شيء من الربع أو الاكثر متيقناً ، فحيئنذٍ يجب ان يؤخذ باقلّ ما يصدق عليه اسم الدّية ، لانّ هذا القدر هو المتيقّن والباقي مشكوك فيه بناء على عدم حصول شغل الذمّة اليقيني به. فحينئذٍ إذا حصل الشّك في وجوب اقلّ ما يصدق عليه اسم الدّيّة ايضاً ، بمعنى ان يحصل الشكّ في أصل التكليف بالديّة فينفي الجميع بالاصل ولايكون حينئذٍ من هذا الأصل.
وبالجملة الاقلّ ان كان معلوماً فيؤخذ به ويترك الباقي ، وان لم يكن هو ايضاً معلوماً فهو ايضاً متروك لحصول الشّك في أصل التكيلف ، فكيف يحصل شغل الذّمة اليقيني حتى يحتاج إلى البراءة اليقينيّة.