لان يراد منه وجود الحكم في الزمان الّذي يشكّ في الحكم فيه وان يراد عدم وجوده فيه ، كذلك حال الدّليل في الصّورة الّتي فرضناها. وعلى هذا نقول : لو لم يمتثل التكليف المذكور لم يحصل الظّن بالامتثال والخروج عن العهدة ولو امتثل يحصل القطع به لانّ في زمان الشكّ ان كان الواقع وجود الحكم فقد فعلنا ما كان علينا من التكليف وان كان الواقع عدمه فقد خرجنا بما فعلنا في زمان القطع عن العهدة ـ انتهى كلامه زيد احترامه.
اقول : قد علمت انّ هذا الدّليل في كلام الاستاذ المحقّق العلّامة طاب ثراه محمول على انّ شغل الذّمة اليقيني يحتاج إلى البراءة اليقينيّة ، فحينئذٍ يظهر الفرق بين الصوّرتين ، فإنّ الصّورة الّتي ثبت حجيّتها عند الاستاذ المحقق يجري فيها هذا الدليل ولا يجري في الصورة الّتي اجرى القوم فيها الإستصحاب كما ذكره هذا الفاضل. وذلك لانّ الصّورة الاولى على ما عرفتها اعنى ان يثبت من دليل انّ الحكم الفلانى ثابت إلى وقت كذا أو حالة كذا فثبوت الحكم إلى الوقت المذكور أو الحالة المذكورة يقيني فشغل الذمّة في مجموع هذا الوقت بهذا الحكم القطعي فاذا وقع الشك في دخول الوقت المذكور أو الحالة المذكورة يمكن دفع هذا الشك بانّ شغل الذمّة اليقيني يحتاج إلى البراءة اليقينيّة بخلاف الصّورة الثانية فإنّ المحقّق من الدليل ثبوت الحكم في زمان خاصّ وامّا ثبوته في الزّمان الّذي وقع الشك في ثبوت الحكم فيه فلا يدلّ عليه الدّليل ، فليس شغل الذّمة به فيه يقينيّاً فلا يجري فيها هذا الدّليل ، فتأمّل.