العدم. ولما ثبت ان كلّ الممكنات حادثة فيكون اعدامها سابقة على وجودها ويكون معدومة حتّى يتحقّق علّة الوجود فإذا وقع التردّد في وقت بأنّه هل صار علّة هذا الممكن موجوداً حتى يكون هو ايضاً موجوداً أم لا؟ فلا يمكن الحكم بأنّ علّته ليس الآن موجوداً مع قطع النّظر عن الحالة السّابقة ، لانّ ما ثبت من العقل ان اعدام الممكنات سابقة على وجودها فإذا وقع التردّد في وقت بأنّ الممكن الفلاني هل هو موجود أو معدوم إذا لم يكن تكليفاً يمكن نفيه بأن يقال عدمه السّابق يقيني فلا بدّ ان يكون باقياً حتى يثبت علّة الوجود بدليل الإستصحاب كما سيجيء ان شاء الله تعالى.
وامّا مع قطع النّظر عن الحالة السابقة واجراءها إلى اللاحق فلا يمكن الحكم جزماً بانّه ليس الآن موجوداً لعدم دليل يدلّ عليه لا من الشّرع لما عرفت ولا من العقل لعدم حصول القطع بعدم حدوث علّة الوجود فكيف يمكن الحكم القطعي بنفي هذا الممكن ان لم يتمسّك بالحالة السابقة واجراءها إلى الوقت الّذي وقع فيه التّردّد.
فظهر انّ الحكم بأنّ الأصل في الممكن العدم ـ إذا كان هذا الممكن غير التكليف ـ من دون التمسّك بالحالة السابقة غير ممكن فلما ثبت أصل البراءة ويثبت (١) ايضاً إستصحاب حال العقل ان شاء الله تعالى يثبت أصل العدم ايضاً بكلا فرديه وليس هو شيئاً عليحدة كما اشرنا إليه.
__________________
(١) وثبت. خ.