إذا عرفت الاخبار الواردة في الاحتياط فاعلم انّ القول بعدم مشروعيّة الاحتياط كلام بعيد عن الصّواب ولاشكّ في رجحانه بمقتضى الاخبار المذكورة وانّما الخلاف بين الاخباريين والمجتهدين القائلين بالبراءة الاصليّة في وجوبه وعدمه. فالقائلون بالبراءة الاصليّة ينفون الوجوب.
قال المحقّق رحمهالله تعالى : العمل بالاحتياط غير لازم وصار اخرون إلى وجوبه. وقال آخرون مع اشتغال الذّمة يكون العمل بالاحتياط واجباً ومع عدمه لا يجب مثال ذلك إذا ولغ الكلب في الاناء نجس واختلفوا هل يطهر بغسلة واحدة أم لابدّ من سبع؟ وفيما عدا الولوغ هل يطهر بغسلة أم لابدّ من ثلاث؟
احتجّ القائلون بالاحتياط بقوله (عليهالسلام) : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (١) وبأنّ الثابت اشتغال الذّمّة يقيناً فيجب ان لا يحكم ببرائتها الّا بيقين ولايكون هذا الّا مع الاحتياط.
والجواب عن الحديث ان نقول : هو خبر واحد لا يعمل بمثله في مسائل الأصول. سلّمناه لكن الزام المكلّف بالاثقل مظّنة الرّيبة لانّه الزام مشقّة لم يدلّ الشرع عليها فيجب اطراحها بموجب الخبر.
والجواب عن الثاني ان نقول : البراءة الاصليّة مع عدم دلالة النّاقله حجّة وإذا كان التقدير تقدير عدم الدلالة الشّرعيّة على الزّيادة في المثال
__________________
(١) الوسائل ٢٧ / ١٦٧ نقلاً عن تفسير جوامع الجامع للطبرسي