قال جمهور المفسرين والمحدّثين : إنه الخضر يروون ذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهذا لقبه الذى اشتهر به واسمه بليا بن ملكان ، قاله غير واحد من المفسرين.
وقد أبهم الله اسمه ولقبه لاشتهار قصته عند أهل الكتاب وغيرهم ممن قرأ كتبهم.
ووصفه يغنى عن اسمه ولقبه ، فهو من الذين خصّهم الله بالكرامات ، ووصفه بالعبودية الخالصة ، وعمّه برحمة واسعة وعلم لدنّى تلقاه منه ـ جل شأنه ـ ببصيرته.
(ز) وممن أبهم الله اسمه واكتفى بما ساقه فى شأنه مع قومه حبيب النّجار كما جاء فى كتب التفسير.
وفيه نزل قوله تعالى : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) إلى قوله ـ جل شأنه :
(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) يس : ٢٠ ـ ٢٧.
ومثله مؤمن آل فرعون ، فقد قص الله علينا من أمره فى سورة غافر ما فيه عظة وعبرة لكل مؤمن يتصدى للدعوة ، وينصر الحق بما أوتى من علم وحكمة.
وقصته تبدأ من قوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) وتنتهى بقوله ـ جل شأنه :
(فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) غافر : ٢٨ ـ ٤٥.
ومع هذا لم يذكر اسمه ، فالأسماء مجرد أعلام على أصحابها لا تدل على شىء وراء ذلك ـ فى الغالب ، وذكر الاسم مع الأوصاف العظيمة لا يلتفت إليه العقلاء ، وإن غاب عنهم لا يسألون عنه إلا أن المفسرين أولعوا بالبحث عنها من باب الترف العلمى ، وهو أمر لا يحمد ولا يذم.
قال السيوطى فى «الإتقان» : هو شمعان ، وقيل شمعون ، وقيل جبر ، وقيل حبيب ، وقيل :
حزقيل. وزعم أنه هو الذى جاء من أقصى المدينة يسعى.
وكثرة الأسماء التى ذكرها تدل على غموض اسمه على المؤرخين ، وما كان ضرهم لو تركوا ما لم يحيطوا بعلمه ، وما لا يترتب على ذكره فائدة ؛ ترفعا عن التهافت والاشتغال بما لا يضيف إلى المعانى القرآنية شيئا ذا بال.
فما ذا يفيد ذكر اسم هذا الرجل مع هذه الأوصاف التى أثنى الله عليه بها ، وهذا الجهد الذى بذله فى دعوة آل فرعون إلى اتباع موسى ـ عليهالسلام.
(٦)
وممن عظّم الله شأنهن من النساء :
(أ) حواء ، فقد أبهم الله اسمها لاشتهارها فى الخليقة ـ كما أشرنا من قبل عند ذكر أسباب الإبهام ، واكتفى ـ جل شأنه ـ بوصفها فى سياق الحديث عن آدم ـ عليهالسلام.