الأحاديث وغيرها : والغرض أن المطلوب شرعا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة ، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقى ، فالقرآن ينزه عن هذا ويجل ويعظم أن يسلك فى أدائه هذا المذهب.
وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك كما قال الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام ـ رحمهالله ـ حدثنا نعيم بن حماد عن بقية بن الوليد عن حصين بن مالك الفزارى قال :
سمعت شيخا يكنى أبا محمد يحدث عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين ، وسيجىء قوم من بعدى يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح ، لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم» (٢١).
وهذا يدل على أنه محذور كبير وهو قراءة القرآن بالألحان التى يسلك بها مذاهب الغناء ، وقد نص الأئمة ـ رحمهمالله تعالى ـ على النهى عنه ، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذى يزيد بسببه حرفا أو ينقص حرفا ، فقد اتفق العلماء على تحريمه ـ والله أعلم.
١٣ ـ التحزين بالقرآن :
ويستحب للقارئ البكاء عند قراءة القرآن ، والتباكى لمن لا يقدر على البكاء ، والحزن والخشوع ، لقول الله تعالى : (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) (سورة الإسراء آية ١٠٩) وقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (سورة الأنفال آية ٢) ، ولقول الرسول صلىاللهعليهوسلم : «اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا» (٢٢).
وروى أبو داود بسنده عن عبد الله بن الشّخّير عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلى ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء» (٢٣) وفى الشّعب للبيهقى عن سعد بن مالك مرفوعا : «إن هذا القرآن نزل بحزن وكآبة ، فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا» (٢٤).
وفى مسند أبى يعلى حديث : «اقرءوا القرآن بالحزن فإنه نزل بالحزن» ، وعند الطبرانى «أحسن الناس قراءة من إذا قرأ القرآن يتحزن» (٢٥).
قال أبو حامد الغزالى ـ رحمهالله تعالى ـ البكاء مستحب مع القراءة وعندها. قال :