قوم لظاهر الأمر فى الآية ، وهى قوله تعالى :
(فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (سورة النحل آية ٩٨) ، وصيغتها المختارة عند عامة الفقهاء وجميع القراء :
«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ، وكان بعض السلف يزيدون «السميع العليم» ، ولا خلاف بين أهل الأداء فى الجهر بها عند افتتاح القراءة ، والإخفاء أولى إذا كان يقرأ وحده خاليا عن الناس أو فى الصلاة ، ويكفيه تعوذ واحد ما لم يقطع قراءته بكلام أجنبى أو فصل طويل.
٨ ـ أن يحافظ على قراءة البسملة أول كل سورة غير سورة «براءة» ، لأن أكثر العلماء على أنها آية من أول كل سورة ، فإذا أخل بها كان تاركا لبعض الختمة عند الأكثرين ، أما فى الابتداء بما بعد أوائل السور ولو بكلمة فتجوز البسملة وعدمها لكل القراء تخييرا.
٩ ـ ويسن للقارئ أن يقرأ على تؤدة وبترتيل ، لأن ذلك أدعى للتدبر وأقرب إلى التوقير والاحترام. ولقول الله تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (سورة المزمل آية ٤) ، ولما رواه أبو داود وغيره عن أم سلمة ـ رضى الله تعالى عنها ـ «أنها نعتت قراءة النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قراءة مفسّرة حرفا حرفا» (٣).
وفى صحيح البخارى عن أنس ـ رضى الله تعالى عنه ـ أنه سئل عن قراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «كانت مدّا ، ثم قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ، يمد الله ويمدّ الرحمن ويمدّ الرحيم» (٤).
واتفق العلماء على كراهة الإفراط فى الإسراع بالقراءة ، وقالوا : وقراءة جزء بترتيل أفضل من قراءة جزءين فى قدر ذلك الزمان بلا ترتيل. وقالوا : واستحباب الترتيل للتدبر ، لأنه أقرب إلى الإجلال والتوقير ، وأشد تأثيرا فى القلب ، ولهذا يستحب للأعجمى الذى لا يفهم معناه (٥).
١٠ ـ تدبر ما يتلى :
ينبغى على المؤمن أن يقرأ القرآن بالتدبر والفهم ، وأن يستعمل فيه ذهنه وفهمه حتى يعقل ما يخاطب به ويتفهمه لقول الله تعالى :
(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (سورة ص آية ٢٩) وقوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) (سورة محمد صلىاللهعليهوسلم آية ٢٤).
والطريق إلى ذلك أن يشغل قلبه بالتفكر فى معنى ما يلفظ به ، فيعرف معنى كل آية ، ويتأمل الأوامر والنواهى ، ويعتقد قبول ذلك ، فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر ، وإذا مرّ بآية رحمة استبشر وسأل ،