والإحصان يفسر فى
كل موضع بما يناسبه ، وهذا الحكم لا يلغى الحكم المستفاد من القراءة الأولى وإنما
يبيّن أن الأمة المسلمة التى تحدّ وإن لم تتزوج كما هو مقتضى القراءة الأولى تحد
نفس الحدّ إذا تزوجت ، وهو خمسون جلدة ، ولا يزيدها الزواج وإن كان يزيد الحرة ،
فإن الحرة المسلمة التى لم تتزوج تجلد مائة جلدة ، والتى تزوجت ترجم. فأفادت القراءة الأولى الحكم المذكور
، وأفادت القراءة الثانية أنه هو هو فى صورة فيها زيادة وصف قد يظنّ منه أنه يفيد
حكما زائدا.
ـ وقوله تعالى : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) (النساء : ٤٣)
قرأه هكذا بالألف من عدا حمزة وخلفا العاشر والكسائى ، وقرأه هؤلاء الثلاثة بدونها
. والقراءة الأولى تفيد حكم الجماع ، لأن الملامسة هى الجماع ، والقراءة
الثانية تفيد حكم التقاء بشرة الرجل ببشرة المرأة ، لأن اللمس هو الجس باليد ، لكن
توسع فيه فليس قاصرا على خصوص اليد. فمن لم يجد الماء وقد أصابه الحدث الأكبر
بالملامسة ، أو الأصغر باللمس ، أجزأه التيمم ، فأفادت كل قراءة حكما شرعيا .
وقال بعض العلماء
: إن اللمس لا يختصّ بالجماع فتكون الملامسة كذلك لتتفق القراءتان ، فتحمل
الملامسة على الأعم ، ويكون أولى ، لأن قراءة اللمس تدل عليه بخلاف حملها على
الأخص ، وهو الإجماع ، فليس له قراءة أخرى تؤيده . فنراه نزّل قراءة الألف على قراءة ترك الألف ، وبيّن أن
أثر القراءة بالألف هذا الحكم الفقهى حكم الجس باليد ونحوه ، وأن أثر القراءة
الثانية هو تأييد ذلك الحكم.
ـ وقوله تعالى : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (المائدة : ٦)
قرأه نافع وابن عامر والكسائى ويعقوب وحفص بنصب الأرجل ، وقرأه الباقون بالخفض . وقراءة النصب ظاهرة فى الغسل لأن الأرجل حينئذ عطف على
المغسول فى الآية (فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ) ، وقراءة الخفض ظاهرة ، فى المسح ؛ لأن الأرجل حينئذ عطف
على الممسوح فى الآية :
(وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) وظهور كل منهما فيما دلت عليه متساو ، مما جعل الطبرى
وداود يذهبان إلى أن الحكم من الواجب المخير ، فيغسل أو يمسح ، كالتخيير فى كفارة
اليمين بين الإطعام والكسوة وعتق رقبة .
وذهب بعض العلماء
إلى أن الحكم المستفاد