٤ ـ أو أن المراد من الرأى : الهوى والاستحسان ، كما يفعله بعض الوعاظ ، حينما يقصدون أغراضا صحيحة ، فيلجئون إلى آراء خاصة ، ترغيبا وترهيبا للمستمع.
٥ ـ أو أن المراد من الرأى : الرأى القائم على ترك المأثور ، والأخذ بظاهر العربية ، فإن الأخذ بظاهر العربية فقط لا يكفى ، بل لا بد من الاعتقاد على المأثور أولا.
أدلة المانعين من آثار الصحابة والتابعين :
كما استدل المانعون بآثار عن الصحابة والتابعين ، منها :
١ ـ قول أبى بكر رضي الله عنه : «أى أرض تقلنى ، وأى سماء تظلنى إن قلت فى آية من كتاب الله برأيى ، أو بما لا أعلم». (٧٥)
٢ ـ وعن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : «إنما هو كتاب الله وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، فمن قال بعد
ذلك برأيه فما أدرى أفى حسناته يجد ذلك ، أم فى سيئاته».؟ (٧٦)
ويمكن أن يرد على هذه الآثار وما شاكلها بما يأتى :
أوّلا : إن امتناع السلف عن التفسير إنما كان فيما لا علم لهم به ، أما ما كانوا يعلمونه فكانوا يقولون به ولا يكتمونه ، وإلا لكانوا من الذين يكتمون العلم ، والذين هددهم الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم بالعذاب الأليم.
والدليل على ذلك :
(أ) أن كتب الحديث والتفسير مملوءة بتفاسير صحيحة عنهم.
(ب) وبدليل أن الروايات الواردة عنهم فى ذم التفسير بالرأى تنص على أن المراد التفسير بغير علم ، كما جاء عن أبى بكر وغيره قوله : «بما لا علم لى».
ثانيا : أو أن امتناع من امتنع منهم كان على سبيل التورع والاحتياط ، خوفا من عدم إصابة قول الحق.
ثالثا : أو أن امتناع من امتنع إنما كان لعدم وجوب ذلك عليهم ، نظرا لوجود آخرين يسدون مسده ، كما كانوا يفعلون مع من يطلق امرأته ثلاثا ، كل منهم يدفعه للآخر.
وبناء عليه : فإن ما استدل به المانعون لا يدل لهم بحال من الأحوال.
القائلون بالجواز :
أما القائلون بجواز التفسير بالرأى المتوافر له شروطه ، فقد استدلوا لصحة مذهبهم بأدلة من القرآن والسنة ، وآثار عن السلف الصالح ، وبأدلة عقلية.