فكل نوع من هذه الأنواع التى ذكروها داخل تحت الآية ، وأنه أريد به التنبيه على مثيله ، لأن التعريف بالمثال قد يكون فى بعض الأحوال أفضل من التعريف بالحد المطابق.
السبب الثالث : ما كان الاختلاف فيه راجعا إلى احتمال أمرين أو أكثر ، كلفظ «قسورة» ، فيحتمل أن يراد به الرامى ، ويحتمل أن يراد به الأسد ، ونحو ذلك من الألفاظ المشتركة ، التى اتحد لفظها واختلف معناها ، كلفظ اليمين ، يطلق على اليد ، وعلى القوة ، وعلى القسم ، وكلفظ العين ، يطلق على البئر ، وعلى الباصرة ، وعلى الجاسوس ، ونحوها.
السبب الرابع : التفسير بألفاظ متقاربة ، لا مترادفة.
فقد يعبر المفسر عن اللفظ بلفظ قريب ، لا بلفظ مرادف له ، لأن الترادف فى لغة العرب قليل ، وقد يندر وجوده فى القرآن ، أو ربما ينعدم.
ومثال ذلك : ما ذكره المفسرون فى قوله تعالى : (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ) [الأنعام : ٧٠] ، فقد فسر بعضهم قوله : (تبسل) بمعنى تحبس ، وقال بعضهم :
ترتهن ، وليس هناك تضاد بين القولين ، فإن المحبوس قد يكون مرتهنا ، وقد لا يكون ، فالمفسر حين يفسر إنما يريد تقريب المعنى.
اختلاف التضاد :
هذا عن اختلاف التنوع ، الذى يوجد بكثرة فى أقوال السلف ، فإن معظم اختلافهم يندرج تحته ، أما اختلاف التضاد ، وهو ما كانت العبارات فيه متعارضة ، بحيث إذا أخذ بأحد الأقوال لا يؤخذ بغيره ، فهو قليل بين السلف.
ومثال ذلك : تعيين الصلاة الوسطى ، فقد قيل فيها أقوال متعددة شملت الصلوات كلها.
فما موقفنا تجاه تلك الأقوال؟ وكيف نرجح قولا على ما عداه؟
هذا ما سوف نجيب عنه ـ إن شاء الله ـ فى موضوع الترجيحات فى التفسير.
١٣ ـ التفسير بالرأى :
التفسير بالرأى قسيم التفسير بالمأثور ، ولكن علام يطلق الرأى؟ وما المراد بالتفسير بالرأى؟
يطلق الرأى على المعانى الآتية :
١ ـ على الاعتقاد ، يقال : هذا رأيى فى كذا ، أى اعتقادى فيه.
٢ ـ وعلى الاجتهاد.
٣ ـ وعلى القياس ، والمحدّثون يسمون أصحاب القياس أصحاب الرأى. (٦٥)
ولكن العلماء خصوه ـ كما يقول ابن القيم