قال تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) [سورة الحجر ، الآية : ٤٢] ، وعظمة كيد النساء بالنسبة إلى الأمور المادّية والشهوانيّة ، فيكون كيدهن عظيم بالإضافة.
السابع : يستفاد من قوله تعالى : (فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) أنّ كلّ قتال مع المؤمنين إنّما يكون من كيد الشيطان ، الّذي يوحي إلى أوليائه سبل المكر والخداع ويزيّن لهم الباطل ويبثّ بينهم طرق البغي والطغيان ، فيوهمهم بوسوسته في الحرب مع المؤمنين ويخدعهم بأنّ فيه الصلاح لهم ، كما يوهن قوى المؤمنين بإلغاء الشبه عليهم.
والآية المباركة في مقام إبطال جميع وساوس الشيطان ومكره وخداعه ، وتثبيت للمؤمنين وتقوية لهم بأنّ كيد الشيطان مهما بلغ من القوّة والعظمة ، فإنّه ضعيف في مقابل نصرة اللّه ؛ لأنّ كيده من الباطل الّذي لا قوّة فيه ولا بقاء له ، فالمؤمنون يطلبون شيئا ثابتا فيه القوّة والبقاء ؛ لأنّهم على حقّ. وقد جرت سنّة اللّه تعالى في مصارعة الحقّ والباطل أن يغلب الحقّ على الباطل لا محالة ، كما أنّ سنن الوجود تؤيّد ذلك.
وهذه الآية الشريفة لها من التأثير النفسي في ميدان القتل والجهاد والحرب ما لا يكون في غيرها ، وقد أتعب علماء التربية أنفسهم وغيرهم ممّن لهم الصلة في هذا الميدان على صياغة عبارات تؤدّي مثل هذا الأثر ، ولم يكن بوسعهم ذلك ، فسبحان اللّه الّذي أحكمت آياته وجلّت عظمته.
الثامن : تدلّ الآيات المباركة المتقدّمة على الأسس الّتي يقوم عليها القتال في الإسلام والقاعدة العريقة الّتي لا يتخطّاها ، وهي كونه في سبيل اللّه تعالى ، ولإشاعة العدل ، وتثبيت الحقّ ، وأنّ القتال في الإسلام لا يقوم إلّا عند فشل جميع السبل في تثبيت كلمة اللّه تعالى ونشر العدل ، وهذا المقصد أمر ثابت لا يتغيّر ، والقتال الخارج عن هذه الطريقة لا يكون إلّا قتالا باطلا ليس فيه قصد إلا طلب