الإنسان إلى نفسه والتفكّر في حقيقته ومصيره ردعا وعبرة له؟! وفي الحديث عن عليّ عليهالسلام : «رحم الله عبدا تفكّر من أين وفي أين والى أين».
قوله تعالى : (أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً).
بيان لسوء عاقبة من أطاع الشيطان وتولّاه من دون الله تعالى ، أي : أولئك الّذين أضلّهم الشيطان وأغواهم مستقرّهم جميعا جهنّم مرغمون فيها ، ولا يمكن الفرار منها لعدم وجود معدل ومهرب يفرّون إليه.
والمحيص : اسم مكان ، أو مصدر ميمي من : حاص يحيص إذا عدل وولي ، يقال : «وقع في حيص وبيص» إذا وقع في أمر يعسر التخلّص منه.
وإنّما وصفهم عزوجل بذلك ؛ لأنّه فسدت سريرتهم وخبثت بواطنهم باتّباعهم الشيطان ، فهم يتهافتون يوم القيامة في جهنّم وينجذبون إليها ، يستفاد أنّه لا شفاعة تدركهم وتنجيهم من عذاب جهنّم.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ).
التفات من التكلّم إلى الغيبة ؛ تعظيما للمطيعين وتنويها بجلالة مقامهم ، ثمّ الرجوع إلى التكلّم مع الغير الّذي بني الكلام عليه في الآية الكريمة للإشارة إلى قرب حضورهم ، ومن عادته عزوجل أنّه إذا ذكر حال الكافرين يذكر أحوال المؤمنين ، فيقرن بين الوعد والوعيد ؛ تتميما للفائدة وتذكيرا للطائفتين ، وترغيبا للكافرين إلى الإيمان وتخويفا للمؤمنين ، وفي المقام بيّن عزوجل حال المؤمنين وحسن حالهم وما أوجب دخولهم الجنّة ، وهو الإيمان بالله تعالى وتركهم طاعة الشيطان وفعلهم الصالحات ، فكان جزاؤهم دخول الجنّات الّتي تجري من تحتها الأنهار لتزيد روعتها وبهائها وبهجتها فتتم بها سرورهم ، فكان هنا إيمان بالله العظيم ، وفعل الصالحات ، وجنّات وخلود فيها ، وهناك طاعة الشيطان ووعود منه وتخيّل من مطيعيه وجهنّم وخلودا فيها ، فكان تقابلا كاملا بين الطائفتين ، ويزيد