كالقبول. والجملة في موضع التعليل لتوقّع الفتنة. أي : أنّ من شأن الكافرين يكونوا لكم أعداء لا يضيعون فرصة في إيذاء المسلمين.
وقد وصف سبحانه وتعالى عداوتهم بكونها واضحة لا خفاء فيها ، كما وصف عداوة إبليس لبني آدم عليهالسلام بذلك أيضا ، حيث قال عزوجل : (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) [سورة الإسراء ، الآية : ٥٣] ، فيعرف أنّ الكافرين من أولياء الشياطين.
قوله تعالى : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ).
بيان لكيفيّة صلاة الخوف. والخطاب للرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله باعتباره إماما للمسلمين ورئيسهم ، فيكون من قبيل إيراد المثال وإرادة الجميع بطريق التجريد ، لكونه أوجز وأبلغ.
وإقامة الصلاة لهم أي : ايتانها جماعة والايتمام به صلىاللهعليهوآله ، وذكر بعضهم أنّ المراد بها إقامة الصلاة المأتي بها بعد الأذان لتعدّيها باللام ، وهو خلاف سياق الآية المباركة ، بل المنساق ما ذكرناه ، وهو الدعوة إلى أدائها جماعة ، وكان هو الإمام لهم.
والمعنى : وإذا كنت فيهم يا رسول الله فصلّيت بهم جماعة وكنت أنت الإمام لهم ، والحال حال الخوف والزمن زمن فتنة الكفّار الّذين هم عدو لكم.
وذكر بعضهم أنّ ظاهر الآية الشريفة اختصاص الخطاب بالرسول صلىاللهعليهوآله فيكون شرط صلاة الخوف هو وجوده صلىاللهعليهوآله فيهم ، فتكون من خواصه. ولكن هذا القول موهون لما عرفت ؛ ولقيام الدليل على ثبوت صلاة الخوف بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله أيضا.
قوله تعالى : (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ).
الطائفة الجماعة ، وربما تطلق على الواحد أيضا ، أي : أقسمهم إلى طائفتين ، فلتقم إحداهما معك يقتدون بك في الصلاة ، وتبقى الأخرى تجاه العدو وتراقبه ، ولم يذكر عزوجل هذه الطائفة غير المصلّين ، لدلالة ظاهر الكلام عليه.