أبي عبد الله عليهالسلام وكنت تركت التسليم على أصحابنا في مسجد الكوفة ، وذلك لتقيّة علينا فيها شديدة ، فقال لي أبو عبد الله عليهالسلام : يا إسحاق متى أحدثت هذا الجفاء لإخوانك تمرّ بهم فلا تسلم عليهم؟ فقلت له : ذلك لتقيّة كنت فيها ، فقال : ليس عليك في التقيّة ترك السلام ، وإنّما عليك في الإذاعة ، إنّ المؤمن ليمرّ بالمؤمنين فيسلّم عليهم فتردّ الملائكة : سلام عليك ورحمة الله وبركاته».
أقول : تستفاد من هذه الرواية أمور :
الأوّل : استحباب التسليم على المؤمن ولو كان في حال التقيّة ، وأنّ استحبابه ثابت في الجملة في ظرفها إن لم يطرأ عليه عنوان آخر من الإيذاء والوقوع في الضرر وغيرهما ؛ لأنّه نوع من الموادّة والخضوع للمسلّم عليه كما تقدّم ، ويستفاد ذلك من قوله تعالى : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ) [سورة الزخرف ، الآية : ٨٩] ، وقال تعالى : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) [سورة الفرقان ، الآية : ٦٣].
الثاني : أنّ ترك التحيّة والسلام نوع من الجفاء ، وهو لا يكون بين المؤمنين ؛ لأنّه تعالى يبغضه ، وللجفاء مراتب ، ولكلّ مرتبة درجات.
الثالث : أنّ الروحانيّين يردّون تحيّة المؤمنين ، وإن كانت الحجب ساترة وتمنع عن السماع ، وقد ترتفع لبعض أوليائه كما ثبت في محلّه.
الرابع : أنّ الأفضل في جواب التحيّة وردّها أن يكون بالأحسن ، وإلّا فبالمثل ، كما دلّت عليه الآية المباركة أيضا.
في الكافي بإسناده عن علي بن رئاب عن الصادق عليهالسلام قال : «إنّ من تمام التحيّة للمقيم المصافحة ، وتمام التسليم على المسافر المعانقة».
أقول : يستفاد منه أنّ التحيّة والسلام من الأمور الإضافيّة الّتي تتّصف بالكمال والنقصان والأكمل والأتمّ ، وأنّ المستحبّ فيها مجرّد وجودها ، وأنّ الكمال والأكمل فضل.
وفي تفسير القمّي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إذا دخل الرجل منكم بيته ، فإن