قوله تعالى : (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ).
عطف على ما سبق ، أي : يفتيكم في أن تقوموا لليتامى مطلقا بالقسط في أنفسهم وأموالهم.
والآية الشريفة في مقام بيان إعطاء قاعدة عامّة تشمل المقام وغيره ؛ لأنّ المورد لا يكون موجبا لتخصيص الحكم العامّ ، فإنّ القسط والعدل محبوبان في كلّ حال وفي جميع الموارد ، وإنّما خصّ اليتامى بالذكر لما عرفت آنفا أنّ حالهم ادعى للرحمة والعطف ، ولوقوعهم مورد الظلم والعدوان كثيرا لضعفهم ، كما وصفهم عزوجل في الآية الكريمة السابقة.
وفي الآية الشريفة التأكيد على مراعاة العدل ، فإنّ القيام بالشيء مراعاته حالا بعد حال ، وذلك بتنفيذ كلّ ما أنزله الله تعالى من الأحكام والتشريعات والتوجيهات ، والخطاب عامّ يشمل الأولياء وغيرهم.
قوله تعالى : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً).
تأكيد لما سبق وتحريض إلى مراعاة تلك الأحكام بدقّة وعدم الهوادة فيها فإنّها خير ، والخير مرغوب فيه عند جميع الناس ، وبيان بأنّ حال اليتامى والمستضعفين تحتاج إلى عطف أكثر ، وأنّ الكمال فيهم هو المعاملة معهم بالفضل ، لا مجرّد العدل والقسط ، فإنّ كلّ خير يصدر منكم في شأن النساء واليتامى من دون أن يعلمه أحد ، فالله تعالى يعلمه ولا ينساه ويعد لمن آثر الخير بالوعد الجميل.
والخير عامّ يشمل كلّ فضل وزيادة في القسط ، وفي الحديث : وإذا أحسن إليهم كافؤوه بمثله أو فضل منه ، وقد ورد عنه صلىاللهعليهوآله أيضا «خيركم خيركم لأهله» ، ولعلّه إشارة إلى صلة الرحم والحثّ عليها وأنّ الفضل يعود إلى فاعل الخير مطلقا.
وقد ذكر سبحانه وتعالى في هذه الآيات المباركة ثلاث مراحل لإرجاع حقوق النساء واليتامى مترتّبة متدرّجة في العمل والتنفيذ ، ولا يمكن الوصول إلى الهدف بدون ذلك ، فتكون هذه الآية الكريمة مضافا إلى اشتمالها على الأحكام