مطلقا طمعا في مالها ، فأنزل الله تعالى فيهن من الأحكام الّتي وضعت عنهن القيود وأبطلت تلك السنّة الباطلة الّتي عليهن.
والآية المباركة في مقام التوبيخ لهم في ترك ما سنّة الله تعالى وشرّعه من الأحكام ، ولعلّ قوله تعالى : (لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَ) إشارة إلى تلك الأحكام والى ذلك الحرمان الّذي كانت النساء يكابدنه نتيجة تلك العادات السيئة الّتي استحكمت في نفوسهم ، فلم يسهل عليهم قبول تغييرها.
ويحتمل أن يكون المراد من قوله تعالى : (ما كُتِبَ) الكتابة التكوينيّة ، أي ذلك التقدير الّذي قدّره عزوجل على الإنسان في أنّه إذا بلغ حدّ الكمال والنضج كان له حقّ التزويج والتصرّف في ماله ، ولا يحقّ لغيره أن يمنعه عن هذا الحقّ الإلهي ، فإنّه خلاف ما كتب الله عزوجل عليه والخلقة الّتي خلقها وقدّرها على الإنسان ، والكتابة التكوينيّة تتضمّن الكتابة التشريعيّة ، فإنّها لم تكن على خلاف تلك الكتابة أبدا.
وممّا ذكرنا يظهر أنّ الجار المحذوف في قوله تعالى : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) هو (عن) ، أي : الرغبة عن نكاحهن اتّباعا لتلك العادة الجائرة والسنّة الباطلة ، وهو المناسب لسياق الآية الكريمة ، ويحتمل أن يكون التقدير (في) و (عن) كليهما على سبيل البدل ؛ ليشمل كلا طرفي تلك العادة الباطلة ، فإنّهم كانوا يرغبون في النكاح إذا كانت ذات جمال ومال ، ويرغبون عن نكاحهن إذا لم تكن كذلك وكان لها مال فلا يناكحوهن ولا ينكحوهن غيرهم.
قوله تعالى : (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ).
عطف على يتامى النساء ، أي : ويفتيكم في المستضعفين في الولدان في تنفيذ ما يتلى عليكم من الأحكام وإعطاء حقوقهم وترك تلك السنّة الجائرة فيهم ، فإنّهم كانوا يحرمون يتامى الصبيان أيضا من الإرث ويستضعفونهم كما تقدّم آنفا ، وتوصيفهم بهذا الوصف لإثارة العطف في النفوس.