قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).
أمر بالقتال حيث تحقّق شروطه ، وهي الإعراض عن الإيمان المصاحب بالهجرة المستقيمة الّتي تكشف عن رسوخ الإيمان في القلب ، ونبذ النفاق والعداء للحقّ وأهله ، وقد أمر الله تبارك وتعالى المؤمنين بقتلهم حيث ما وجدوهم في الحلّ والحرم ، كسائر الكفّار بعد نقض العهد منهم.
والآية الكريمة تأمر المؤمنين أن يطلبوا منهم الهجرة ومراقبة أعمالهم ، وتبيّن العلّة في قتالهم والعذر في جهادهم ، وقد ذكر عزوجل بعض أحكام جهادهم في سورة التوبة كما سيأتي.
قوله تعالى : (وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).
حكم اجتماعي تربوي لإصلاح النفوس وتهذيبها بالأمر بمقاطعتهم مقاطعة كلّية ، والمجانبة عنهم أبدا بعدم قبول الولاية ولا النصرة منهم ، وبدأ بالنهي بلفظ المضارع الدالّ على الاستمرار ، وتكرار أداة النفي الدالّ على التأكيد على أهميّة الحكم ، وتشجيع الهمم عليهم.
قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ).
استثناء من الضمير في قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ) ؛ لبيان أنّ القتال مع المنافقين إنّما كان لضرورة ، فلا بد وأن تتقدّر بقدرها ، وقد استثنى عزوجل طائفتين.
إحداهما : من ترك المحاربين ولحق بالمعاهدين مع المؤمنين. أي : إلّا أولئك المنافقين الّذين ينتهون إلى قوم معاهدين مع المسلمين ويدخلون فيهم ، وقد عاهدوكم على مفارقة المحاربة معكم.
والصلة أعمّ من الجوار والحلف والالتجاء والعهد ، ممّا كان متعارفا في ذلك العصر ممّا يستجار ويؤمن به.