وقال الحسين : «الأحد» : الكائن عنه كل منعوت ، وإليه يصير كل مربوب ، فيطمس من مساكنه ، ويطرح من نازله أن أشهدك إياه ، فإنك وإن غيّبك عنه راعك.
قال بعضهم : توحد ثم وجد لا سبيل إلى ذلك إلا أن يوجدك الحق له.
وقال جعفر : «الصمد» : الذي لم يعط الخليقة من معرفته إلا الاسم والصفة.
وقال الواسطي : امتنع الحق بصمديته من وقوف العقول عليه ، وإشارتها إليه ، ولا يعرف إلا بألطاف أسدائها إلى الجوارح.
وقال ابن عطاء : «الصمد» : المتعالي عن الكون والفساد.
وقال جعفر : «الصمد» : خمسة حروف : «الألف» : دليل على أحديته ، و «اللام» : دليل على ألوهيته ، وهما مدغمان لا يظهران على اللسان ، ويظهران في الكتابة ، فدلّ ذلك على أن أحديته وألوهية خفيّة لا تدرك بالحواس ، وأنه لا يقاس بالناس ، فخفاؤه في اللفظ دليل على أن العقول لا تدرك ، ولا تحيط به علما ، وإظهاره في الكتابة دليل على أنه يظهر على قلوب العارفين ، ويبدو لأعين المحبّين في دار السلام ، و «الصاد» : أنه صادق فيما وعد فعله صدق ، وكلامه صدق ، ودعا عباده إلى الصدق ، و «الميم» : دليل على ملكه ، وهو الملك على الحقيقة ، و «الدال» : علامة دوامه في أبديته وأزليته ، وإن كان الأزل والأبد ؛ لأنهما ألفاظ تجرى على العواري في عباده.
وقال ابن عطاء : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) : ظهر لك منه التوحيد ، (اللهُ الصَّمَدُ) : ظهر لك منه المعرفة ، (لَمْ يَلِدْ) : ظهر لك منه الإيمان ، (وَلَمْ يُولَدْ) : ظهر لك منه الإسلام ، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) : ظهر لك منه اليقين.
قال الأستاذ : كاشف الوالهين بقوله : (هُوَ) ، وكاشف الموحدين بقوله : (اللهُ) ، وكاشف العارفين بقوله : (أَحَدٌ) ، والعلماء بقوله : (الصَّمَدُ) : والعقلاء بقوله : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (١).
__________________
(١) لأن الولد نتيجة ، والنتيجة فرع الأصل ؛ فكان آدم أبو البشر عليهالسلام من أهل هذا المقام ؛ لأن الله تعالى خلقه لا عن أبوين ، فكان على صورة خالقه ؛ ولذلك كان مسجودا وليست السجدة إلا لله تعالى؟ ومن هنا قالوا : ظاهر الكون خلق ، وباطنه حق ، ومن صفا قلبه ؛ كان كأنه لم يلد ولم يولد ، وإن كان والدا ومولودا.