عليه صدمات القدوسية كاد أن يفنى تحتها ، فبدّلها الله له ، وأنوار الكبرياء بأنوار البقاء ، وأنوار الجلال وأنوار القدس بأنوار الأنس ، وجعله متّصفا بصفاته ، فقوى بالحق ، وحمل الحق بالحق ، وقال سبحانه : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) ، إلى قوله : (ذِكْرَكَ.)
قال سهل : ألم نوسّع صدرك بنور الرسالة ، فجعلناه معدنا للحقائق.
وقال ابن عطاء : ألم نوسّع سرّك لقبول ما يرد عليك.
وقال في قوله : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) : أعباء النبوّة والرسالة ، فكنت فيها محمودا لا حامدا.
وقال جعفر : ألم نشرح صدرك لمشاهدتي ومطالعتي.
وقال القاسم : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) : ألم أزل ملاحظة المخلوقين عن سرّك.
قال ابن عطاء في قوله : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) : جعلت تمام الإيمان بي بذكرك معي.
وقال أيضا : جعلتك ذكرا من ذكرى ، فكان من ذكرك ذكري.
وقال ذو النون : همم الأنبياء تحول حول العرش ، وهمّة محمد صلىاللهعليهوسلم فوق العرش ؛ لذلك قال : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ.)
قال سهل : أزلنا عنك الهمّة إلا لنا ، والفكرة في سوانا ، والحركة والسكون إلا بأمرنا.
قيل في قوله : (أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) : هو الرجوع من حال المشاهدة إلى حال بلاغ الرسالة.
قوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) : مع عسر المجاهدة يسر المشاهدة ، ومع عسر الانفصال يسر الاتصال ، ومع عسر القبض يسر البسط ، وزاد يسرا على يسر على يسير ، وجعلها يسرين بعد عسر ، «العسر» : هو الحجاب ، و «اليسر» : كشف النقاب ، ويسر آخر رفع العتاب.
قال الجوزجاني : مع الصبر عن الحرام ، وشبهات الاسترواح إلى عزّ التوكل.
قوله تعالى : (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) : فإذا فرغت ما دون الله فابذل نفسك لله ، ثم ارغب مما لله إليه ، فإنه درجة لا تليق بغيرك.
قال جعفر : اذكر ربك على فراغ منك عن كل ما دونه.
وقال ابن عطاء : إذا فرغت من تبليغ الرسالة فانصب بطلب الشفاعة.
وقال القاسم في قوله : (وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) : يكون رغبتك فيه وإليه.