متآلفتين في الدنيا على أدائه الذكر.
قوله تعالى : (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) (١٣) : قرّبت جنان المشاهدات لأهل المداناة ، ووصلت حجال الوصلات بأهل الحالات.
قال القاسم : زخرفت بسرور البقاء واللقاء ، وحسن الجزاء ، ورضا المولى ، ومواصلة العطاء.
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤) فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (٢٤) وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (٢٥) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٩))
قوله تعالى : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) (١٤) : علمت نفوس العارفين بتعريف الله إيّاها حقيقة أنفاسها التي صدرت منها بنعت الأشواق إلى جمال القدم أي شيء صنعت في الملكوت ، وكيف حرقت حجاب الجبروت ، وكيف وصلت إلى قرب القرب ودنو الدنو ، وكيف فعل بها الحق من إرادتها في ميادين الذات والصفات ، وتعريفها عين العين ، وحقيقة الحقيقة ، وعلمت أن ما صدر من الحدثان يرجع إلى الحدثان ، فإن الحدوثية لا تليق بجناب الربوبية ، وهكذا.
قال الواسطي : أيقنت تلك الأنفس أن كل ما عانت واجتهدت وعلمت لا تصلح لذلك المشهد ، وأنه من أكرم بخلع الفصل نجا ، ومن قرن بجزاء أعماله هلك وخاب.
قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ) (١٦) : أقسم الله بنيرات عالم الملكوت إذا شاهدت عرائس الصفات في روازنها ، ونظرت إلى قلوب المشتاقين ، وجذبتها بنورها إلى أعلى عليين ، فلما بلغت الأرواح إلى سرادق الدنو تخنس باستتارها بعد تجلّيها ، وتكنس باحتجابها بعد انكشافها ؛ لذوبان الأرواح في نيران الأشواق ، وهيجان الأشباح إلى عالم الأفراح ، وأقسم بظلمة ليالي الهجران في وقت الاستتار في قلوب العارفين ، وبطلوع صبح أنوار مشاهدته بنعت الوصال في فؤاد المحبين ، وأيضا أقسم بطيران الأرواح القدسية بجناح المحبة والمعرفة في هواء الهوية ، وهذا كنوسها إذا هامت بوجوهها في غيب الغيب ، فإذا وصلت إلى قاف القدم ، وتذورت بسطوات الأزلية تخنس ، وتفر من صدمات القيّومية إلى