الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠))
(عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) (٢) : النبأ العظيم كلامه القديم ، عظم بعظم الله القديم ، مرتفع عن خاطر كل مخالف ، لا ينال بركتها إلا أهل الله وخاصته.
قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً) (٧) : مهّد أرض قلوب الأولياء ، وربطها بجبال المعارف وأوتاد العقول لعساكر تجليه ، «الأوتاد» (١) : عصبة من المتمكنين من الأولياء بهم يستقيم العالم والعالمون.
قال بعضهم : الأوتاد على الحقيقة سادات الأولياء ، وخواص الأصفياء.
سئل أبو سعيد الخراز عن الأوتاد والأبدال أيهم أفضل؟ فقال : الأوتاد. قيل : كيف؟ فقال : لأن الأبدال ينقلبون من حال إلى حال ، ويبدل لهم من مقام إلى مقام ، والأوتاد بلغ بهم النهاية وثبتت أركانهم ، فهم الذين بهم قوام الحق.
قال ابن عطاء : الأوتاد هم أهل الاستقامة والصدق ، لا تغيرهم الأحوال ، وهم في مقام التمكين.
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (٤٠))
قوله تعالى : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) (٣١) : لهم فوز المشاهدة ، وبغيبته المكاشفة ولذة الوصلة ؛ لأنهم اتقوا مما سواه ، فيعطيهم ما يكفيهم رؤية غيره في بساتين القدس ، ورياض
__________________
(١) إنّ هذه الآية إنّما ذكرت ليستدلّ على وجود الصّانع ؛ والشروط فيه أن يكون ذلك أمرا مشاهدا معلوما ، حتى يصح الاستدلال به على وجود الصانع لأنّ الشيء إذا رأيت حجمه ، ومقداره ، صار ذلك الحجم ، وذلك المقدار عبرة. تفسير اللباب لابن عادل (٩ / ٣٨٠).